للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويظهرُ أن المالكيَّة أضيق من الشافعيَّة في هذا الفرع، وهذا مخالف لما تقرَّر من سعتهم في الباب، وسبب منع المالكيَّة من السلم الحال يعود إلى أمور:

الأمر الأول: عن ابن عباس قال: «قَدِمَ النَّبِيُّ الْمَدِينَةَ وَهُمْ يُسْلِفُونَ بِالتَّمْرِ السَّنَتَيْنِ وَالثَّلَاثَ، فَقَالَ: مَنْ أَسْلَفَ فِي شَيْءٍ فَفِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ، وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ، إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ» متفق عليه (١).

ووجه الدلالة من الحديث: أن النبي أمر بالأجل، والأمر هنا للوجوب (٢).

الأمر الثاني: أنَّ اشترط الأجل في السَّلم يخرج العقد من بيع ما ليس عند الإنسان المنهي عنه، فإذا فقد الأجل صار من المنهي عنه (٣).

الأمر الثالث: أنّ في السَّلم الحال غررًا؛ «لأنه إن كان عنده فهو قادر على بيعه معينًا حالًّا فعُدوله إلى السَّلم قصد للغرر، وإن لم يكن عنده فالأجل يعينه على تحصيله والحلول يمنع ذلك ويعيِّن الغرر» (٤).

الأمر الرابع: أنَّ السَّلم عقد وضع للرخصة والارتفاق من المشتري للبائع بتسليم الثمن إليه لينتفع به إلى حلول الأجل، فإذا تسلم المشتري المسلم فيه حين تسليمه للثمن بطلت الرخصة المشروعة فيه (٥).


(١) أخرجه البخاري في (كتاب السلم، باب السلم في وزن معلوم) (٣/ ٨٥) رقم (٢٢٤٠)، ومسلم في (كتاب البيوع، باب السلم) (٥/ ٥٥) رقم (١٦٠٤).
(٢) انظر: الفروق للقرافي (٣/ ٢٩٦)، الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني (٢/ ٩٩).
(٣) انظر: تهذيب المسالك في نصرة مذهب مالك (٣/ ٦)، الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني (٢/ ٩٩).
(٤) الفروق للقرافي (٣/ ٢٩٦).
(٥) انظر: تهذيب المسالك في نصرة مذهب مالك (٣/ ٧).

<<  <   >  >>