للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الثاني: أنَّ الطَّهارةَ من الحدثين شرطٌ في الطواف، فلا يصح طواف المحدث بحال، وهو مذهب الجمهور (١).

وعليه فأوسع المذاهب في هذه المسألة من قال بالوجوب وهم الحنفيَّة؛ وذلك لقولهم بصحة طواف المحدث والجنب، وقد استدلوا على عدم اشتراط الطهارة في الطواف بأدلة، منها:

الدليل الأول: قول الله تعالى: ﴿وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: ٢٩].

ووجه الدلالة: أن الطواف المأمور به في الآية يحصل بمجرد الدوران حول البيت، واشتراط الطهارة تقييد لمطلق القرآن، ولا يجوز تقييد مطلق القرآن بخبر الواحد (٢).

وأما لزوم الدم في طواف المحدث فـ «لأن الركنية لا تثبت إلا بالنص، فأما الوجوب فيثبت بخبر الواحد؛ لأنه يوجب العمل ولا يوجب علم اليقين، والركنية إنما تثبت بما يوجب علم اليقين، فأصل الطواف ركن ثابت بالنص، والطهارة فيه تثبت بخبر الواحد، فيكون موجب العمل دون العلم فلم تصر الطهارة ركنًا، ولكنها واجبة، والدم يقوم مقام الواجبات في باب الحج» (٣).

الدليل الثاني: أنه روي عن ابن عباس أنه قال: «البدنة في الحج تجب في شيئين: على من طاف جنبًا، وعلى من جامع بعد الوقوف». ذكره السرخسي في


(١) انظر: المدونة (١/ ٤٢٣)، التبصرة للخمي (٣/ ١١٨٠)، شرح الخرشي على مختصر خليل (٢/ ٣١٣)، الأم للشافعي (٢/ ١٩٥)، بحر المذهب للروياني (٣/ ٤٨٤)، نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (٣/ ٢٧٨)، مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه (٥/ ٢١٣٨)، شرح العمدة لابن تيمية - كتاب الحج (٢/ ٥٨٦)، كشَّاف القناع (٢/ ٤٨٥).
(٢) انظر: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (٢/ ١٢٩).
(٣) المبسوط للسرخسي (٤/ ٣٨).

<<  <   >  >>