للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

القول الثالث: المنع مطلقا، وهو مذهب الشافعيَّة والحنابلة (١).

وعليه فأوسع المذاهب في هذه المسألة من قال بالجواز مطلقًا، وهم الحنفيَّة، وقد استدلوا على هذه المسألة بأدلة، منها:

الدليل الأول: عن الصنابحي قال: «رأى رسول الله في إبل الصدقة ناقة مسنة فغضب، وقال: مَا هَذِهِ؟ فقال: يا رسول الله، إني ارتجعتها ببعيرين من حاشية الصدقة، فسكت» أخرجه أحمد (٢).

ووجه الدلالة: «أنَّ النبي لم يكن يأذن للمصدقين أن يبيعوا الصدقات، فعُلم أنه أخذها من أرباب الأموال بالقيمة» (٣).

الدليل الثاني: أن أداء القيمة في بهيمة الأنعام «يسد مسد أداء عين الشاة في استيفاء المصلحة المطلوبة من الأداء إلى الفقير، فيجوز قياسًا على ما إذا أدى واحدة من خمس إبل؛ لأن الكفاية كما تحصل بملك عين الشاة تحصل بملك القيمة بل أولى؛


(١) انظر: الحاوي الكبير (٣/ ١٧٩)، المجموع شرح المهذب (٥/ ٤٢٨)، مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج (٢/ ٦٣)، مسائل الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه (٣/ ١٠٨٣)، الهداية على مذهب الإمام أحمد (ص: ١٢٨)، كشَّاف القناع (٢/ ١٩٥).
(٢) أخرجه أحمد في (٨/ ٤٣٨٠) رقم (١٩٣٧٢) (أول مسند الكوفيين ، حديث أبي عبد الله الصنابحي . والحديث مداره على مجالد بن سعيد، وهو إن روى مسلم له مقرونًا إلا أن عامَّة الحفاظ على ضعفه. قال يحيى بن معين: مجالد بن سعيد ضعيف. وقال مرة: لا يحتج بحديثه، وقد ضعفه: يحيى القطان، وأحمد، والبخاري، والدارقطني، وابن حبان، والجوزقاني، وجماعة. وقد ضعف هذا الحديث بخصوصه البخاري كما نقل ذلك عنه الترمذي في العلل الكبير (ص: ٢١). انظر: العلل الكبير للترمذي (ص: ٢٣٩)، الجرح والتعديل لابن أبي حاتم (٨/ ٣٦١)، الكامل في الضعفاء (٨/ ١٦٨)، تهذيب الكمال (٢٧/ ٢١٩)، إكمال تهذيب الكمال (١١/ ٧٠)، تهذيب التهذيب (٤/ ٢٤).
(٣) التجريد للقدوري (٣/ ١٢٤٣). وقال الموصلي عن هذا الدليل: إنه «صريح في الباب» الاختيار لتعليل المختار (١/ ١٠٢).

<<  <   >  >>