القول الثاني: جواز جمع التقديم للمريض الذي يخاف أن يُغلب على عقله فقط، فإن جمع ولم يغب عقله أعاد الثانية في وقتها، وهو مذهب المالكيَّة (١).
القول الثالث: عدم جواز الجمع للمريض مطلقًا، وهو مذهب الحنفيَّة والشافعيَّة (٢).
وعليه فأوسع المذاهب في هذه المسألة من قال بجواز الجمع للمريض مطلقًا، وهم الحنابلة، وقد استدلوا على هذه المسألة بأدلة منها:
الدليل الأول: عن ابن عباس ﵄ قال: «صلَّى رسول الله ﷺ الظهر والعصر جميعًا والمغرب والعشاء جميعًا في غير خوف ولا سفر» أخرجه مسلم (٣).
ووجه الدلالة من الحديث: أنَّ الإجماع منعقد على أنَّ الجمع لا يجوز لغير عذر، فيحمل الحديث على أن جمعه ﷺ كان لمرض (٤). قال الإمام أحمد ﵀ في الحديث:«هذا عندي رخصة للمريض والمرضع»(٥).
الدليل الثاني: حديث حمنة بنت جحش ﵂ في قول النبي ﷺ لها وهي من المستحاضات: «فَإِنْ قَوِيتِ عَلَى أَنْ تُؤَخِّرِي الظُّهْرَ وَتُعَجِّلِي الْعَصْرَ فَتَغْتَسِلِي
(١) انظر: التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب (٢/ ٤٢)، كفاية الطالب الرباني وحاشية العدوي (١/ ٣٣٧)، الشرح الكبير للشيخ الدردير وحاشية الدسوقي (١/ ٣٦٩). (٢) انظر: المبسوط للسرخسي (١/ ١٤٩)، تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق وحاشية الشلبي (١/ ٨٨)، الدر المختار وحاشية ابن عابدين (١/ ٣٨١)، التهذيب في فقه الإمام الشافعي (٢/ ٣١٨)، العزيز شرح الوجيز (٢/ ٢٤٧)، نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج (٢/ ٢٨٢). (٣) أخرجه مسلم في (كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الجمع بين الصلاتين فِي الحضر) (٢/ ١٥١) رقم (٧٠٥). (٤) انظر: المغني لابن قدامة (٢/ ٢٠٤). وتقدم في المطلب الأول أن في هذا الإجماع نظر لمخالفة أشهب ﵀ من المالكيَّة. (٥) التعليقة الكبيرة لأبي يعلى (٣/ ١٠٤).