فالشافعيَّة يقولون: إن ما يدركه المصلي هو أول صلاته، ثم إذا سلم إمامه بنى على ذلك (١)، والجمهور ينازعونهم في هذا (٢).
ومردُّ ما سبق كله -والله أعلم- يرجع إلى الأصل السابق؛ إذ إنَّ الشافعي لمَّا قال:(إنَّ كلَّ مصلٍّ يصلي لنفسه) طرد هذا المعنى في قراءة الفاتحة فأوجبها على المأموم، وشرع للمأموم قول: سمع الله لمن حمده، وجعل ما أدركه المأموم هو أول صلاته لا آخرها، فإذا قام بنى على صلاته؛ لأن صلاة المأموم صلاة قائمة بذاتها؛ فالتزم جميع ما سبق.
ومذهب الجمهور يقتضي الارتباط والتضمن بين الصلاتين؛ ولذا حمل الإمام عن المأموم قراءة الفاتحة، ولم يشرع على مذهب الجمهور قول المأموم: سمع الله
(١) انظر: الحاوي الكبير (٢/ ١٩٣)، الخلافيات بين الإمامين الشافعي وأبي حنيفة وأصحابه (٣/ ٦٩)، البيان في مذهب الإمام الشافعي (٢/ ٣٧٩)، المجموع شرح المهذب (٤/ ٢٢٠)، عجالة المحتاج إلى توجيه المنهاج (١/ ٣٤٠). (٢) انظر: التجريد للقدوري (٢/ ٦٢٣)، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (١/ ٢٤٧)، البناية شرح الهداية (٢/ ٤٠٣)، الإشراف على نكت مسائل الخلاف (١/ ٢٦٦)، الكافي في فقه أهل المدينة (١/ ٢١٤)، البيان والتحصيل (٢/ ٤٦)، التنبيه على مبادئ التوجيه - قسم العبادات (١/ ٤٨٧)، بداية المجتهد ونهاية المقتصد (١/ ١٩٨)، شرح التلقين (١/ ٧٥٦)، شرح الزرقاني على مختصر خليل وحاشية البناني (٢/ ٥٠)، شرح الخرشي على مختصر خليل (٢/ ٤٦)، مسائل حرب الكرماني من أول كتاب الصلاة - ت الغامدي (ص: ٤٢)، الكافي في فقه الإمام أحمد (١/ ٢٩١)، المغني لابن قدامة (٢/ ٣٠٣)، شرح منتهى الإرادات (١/ ٢٦٣). وأنبه هنا إلى أن مذهب المالكيَّة هو القضاء في الأقوال، والبناء في الأفعال. وأما مذهب الحنفيَّة والحنابلة فيرون القضاء. ولأحمد رواية بالبناء.