ويظهر في هذا الفرع أن الجمهور -ومنهم الشافعيَّة- أضيق من المالكيَّة، ووجه استثناء هذه الصورة من أصل التوسع عند الشافعيَّة يرجع -والله أعلم- إلى أمور:
الأمر الأول: حديث أبي هريرة ﵁ عن النبي ﷺ أنه قال: «إِنَّمَا جُعِلَ الْإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ» متفق عليه (١).
ووجه الدلالة من الحديث: أنَّ الائتمام اتِّباع، «والمتقدم غير تابع»(٢).
الأمر الثاني: أنه لم ينقل التقدم على الإمام عن أحد من المقتدين بالنبي ﷺ أو بخلفائه ﵃(٣).
الأمر الثالث: أن التقدم على الإمام فيه مخالفة شديدة، ومخالفة الإمام في الأفعال تبطل به الصلاة، وهذه المخالفة أشد (٤).
قال الخطيب الشربيني:«فإن تقدم عليه في أثناء صلاته بطلت في الجديد أو عند التحرُّم لم تنعقد؛ كالتقدم بتكبيرة الإحرام؛ قياسًا للمكان على الزمان؛ ولأن المخالفة في الأفعال مبطلة، وهذه المخالفة أفحش»(٥).
(١) تقدم تخريجه. (٢) النجم الوهاج في شرح المنهاج (٢/ ٣٦٨)، المنهاج القويم شرح المقدمة الحضرمية (ص: ١٥٣). (٣) انظر: أسنى المطالب في شرح روض الطالب (١/ ٢٢١)، فتح الرحمن بشرح زبد ابن رسلان (ص: ٣٥٧). فائدة: جاء في المدونة (١/ ١٧٥) قول مالك: «بلغني أنَّ دارًا لآل عمر بن الخطاب، وهي أمام القبلة كانوا يصلون بصلاة الإمام فيها فيما مضى من الزمان». (٤) العزيز شرح الوجيز (٢/ ١٧٢)، تحفة المحتاج في شرح المنهاج وحواشي الشرواني والعبادي (٢/ ٣٠١). (٥) مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج (١/ ٤٩٠) بتصرف.