(م) , وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو - رضي الله عنهما - قَالَ: " تَلَا رَسُولُ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - قَوْلَ اللهِ - عزَّ وجل - فِي إِبْرَاهِيمَ: {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنْ النَّاسِ , فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي , وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (١) وَقَوَلَ عِيسَى - عليه السلام -: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ , وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (٢) فَرَفَعَ رَسُولُ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - يَدَيْهِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ أُمَّتِي , أُمَّتِي , وَبَكَى , فَقَالَ اللهُ - عزَّ وجل -: يَا جِبْرِيلُ , اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ - وَرَبُّكَ أَعْلَمُ - فَسَلْهُ مَا يُبْكِيكَ؟ , فَأَتَاهُ جِبْرِيلُ - عليه السلام - فَسَأَلَهُ , فَأَخْبَرَهُ رَسُولُ اللهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - بِمَا قَالَ - وَهُوَ أَعْلَمُ - فَقَالَ اللهُ: يَا جِبْرِيلُ , اذْهَبْ إِلَى مُحَمَّدٍ فَقُلْ لَهُ: إِنَّا سَنُرْضِيكَ فِي أُمَّتِكَ وَلَا نَسُوءُكَ " (٣)
الشرح (٤)
(١) [إبراهيم/٣٦](٢) [المائدة/١١٨](٣) (م) ٣٤٦ - (٢٠٢)(٤) هَذَا الْحَدِيث مُشْتَمِل عَلَى أَنْوَاع مِنْ الْفَوَائِد مِنْهَا: بَيَان كَمَال شَفَقَة النَّبِيّ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - عَلَى أُمَّته , وَاعْتِنَائِهِ بِمَصَالِحِهِمْ، وَاهْتِمَامه بِأَمْرِهِمْ.وَمِنْهَا: اِسْتِحْبَاب رَفْع الْيَدَيْنِ فِي الدُّعَاء.وَمِنْهَا: الْبِشَارَة الْعَظِيمَة لِهَذِهِ الْأُمَّة - زَادَهَا الله تَعَالَى شَرَفًا - بِمَا وَعَدَهَا الله تَعَالَى بِقَوْلِهِ: (سَنُرْضِيك فِي أُمَّتك وَلَا نَسُوءك) , وَهَذَا مِنْ أَرْجَى الْأَحَادِيث لِهَذِهِ الْأُمَّة أَوْ أَرْجَاهَا.وَمِنْهَا: بَيَان عِظَم مَنْزِلَة النَّبِيّ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - عِنْد الله تَعَالَى , وَعَظِيم لُطْفه سُبْحَانه بِهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - وَالْحِكْمَة فِي إِرْسَال جِبْرِيل لِسُؤَالِهِ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - إِظْهَار شَرَف النَّبِيّ - صلى اللهُ عليه وسلَّم - وَأَنَّهُ بِالْمَحِلِّ الْأَعْلَى فَيُسْتَرْضَى وَيُكْرَم بِمَا يُرْضِيه وَالله أَعْلَم.وَهَذَا الْحَدِيث مُوَافِق لِقَوْلِ الله - عزَّ وجل -: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيك رَبّك فَتَرْضَى} ,وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى: (وَلَا نَسُوءك)، فَقَالَ صَاحِب (التَّحْرِير): هُوَ تَأكِيد لِلْمَعْنَى , أَيْ: لَا نُحْزِنك؛ لِأَنَّ الْإِرْضَاء قَدْ يَحْصُل فِي حَقّ الْبَعْض بِالْعَفْوِ عَنْهُمْ , وَيَدْخُل الْبَاقِي النَّار , فَقَالَ تَعَالَى: نُرْضِيك وَلَا نُدْخِل عَلَيْك حُزْنًا , بَلْ نُنَجِّي الْجَمِيع. وَالله أَعْلَم. شرح النووي على مسلم - (ج ١ / ص ٣٤٨)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute