الْخَطَأُ فِي الْغُسْلِ
إِذَا نَوَى الْمُغْتَسِلُ رَفْعَ جَنَابَةِ الْجِمَاعِ وَكَانَتْ جَنَابَتُهُ مِنَ احْتِلامٍ، وَإِذَا نَوَتِ الْمَرْأَةُ رَفْعَ الْجَنَابَةِ وَكَانَ حَدَثُهَا مِنَ الْحَيْضِ.
قَالَ الشَّافِعِيَّةُ: إِنَّ ذَلِكَ لا يَضُرُّ. (١)
وَكَذَلِكَ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ؛ لأَنَّ النِّيَّةَ لا تُشْتَرَطُ فِي الْوُضُوءِ، وَالْغُسْلِ، وَمَسْحِ الْخُفَّيْنِ، وَإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ الْخَفِيفَةِ عَنِ الثَّوْبِ، وَالْبَدَنِ، وَالْمَكَانِ. (٢)
وَقَالَ الْمَالِكِيَّةُ: إِذَا تَسَاوَتِ الطَّهَارَتَانِ فِي أَنْفُسِهِمَا وَفِيمَا تَتَنَاوَلانِهِ مِنَ الأَحْدَاثِ وَالأَسْبَابِ وَفِيمَا تَمْنَعَانِهِ مِنَ الْعِبَادَاتِ فَلا خِلافَ فِي أَنَّ نِيَّةَ إِحْدَى الطَّهَارَتَيْنِ تَنُوبُ عَنِ الأُخْرَى. (٣)
وَإِذَا تَسَاوَتِ الطَّهَارَتَانِ عَنْ حَدَثٍ وَاخْتَلَفَتْ مَوَانِعُهُمَا، كَالْجَنَابَةِ، وَالْحَيْضِ، فَإِنَّ الْحَيْضَ يَمْنَعُ الْوَطْءَ وَلا تَمْنَعُهُ الْجَنَابَةُ، فَإِنِ اغْتَسَلَتِ الْحَائِضُ تَنْوِي الْجَنَابَةَ دُونَ الْحَيْضِ، فَفِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ لا يُجْزِئُ الْحَائِضُ، وَفِي كِتَابِ الْحَاوِي لِلْقَاضِي أَبِي الْفَرَجِ يُجْزِئُ. (٤)
وَقَالَ الزُّرْقَانِيُّ: الْغَلَطُ فِي النِّيَّةِ لا يَضُرُّ بِخِلافِ الْمُتَعَمِّدِ لأَنَّهُ مُتَلاعِبٌ. (٥)
وَقَالَ الدُّسُوقِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ: وَإِنْ نَوَتِ امْرَأَةٌ جُنُبٌ وَحَائِضٌ بِغُسْلِهَا الْحَيْضَ، وَالْجَنَابَةَ مَعًا، أَوْ نَوَتْ أَحَدَهُمَا نَاسِيَةً أَوْ ذَاكِرَةً لِلآخَرِ وَلَمْ تُخْرِجْهُ حَصَلا. (٦)
وَقَالَ الْحَنَابِلَةُ إِذَا اجْتَمَعَتْ أَحْدَاثٌ مُتَنَوِّعَةٌ وَلَوْ كَانَتْ مُتَفَرِّقَةً فِي أَوْقَاتٍ تُوجِبُ وُضُوءًا أَوْ غُسْلا وَنَوَى بِطَهَارَتِهِ أَحَدَهَا ارْتَفَعَ هُوَ، أَيِ: الَّذِي نَوَى رَفْعَهُ، وَارْتَفَعَ سَائِرُهَا؛ لأَنَّ الأَحْدَاثَ تَتَدَاخَلُ فَإِذَا نَوَى بَعْضَهَا غَيْرَ مُقَيَّدٍ ارْتَفَعَ جَمِيعُهَا، وَهَذَا مَا لَمْ يَخْرُجْ شَيْئًا مِنْهَا بِالنِّيَّةِ. (٧)
(١) الأشباه والنظائر للسيوطي ص ١٦، المجموع ١/ ٣٣٥.(٢) الأشباه والنظائر لابن نجيم ص ٢٠.(٣) المنتقى ١/ ٥٠.(٤) المنتقى ١/ ٥٠.(٥) شرح الزرقاني ١/ ١٠١.(٦) حاشية الدسوقي ١/ ١٣٣.(٧) كشاف القناع ١/ ٨٩، ٩٠.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute