{الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ , وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ , أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا، وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ، وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} (٢)
(خ م) , عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - قَالَ: (" كَتَبَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى قَيْصَرَ يَدْعُوهُ إِلَى الْإِسْلَامِ ..) (٣) (" بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ , مِنْ مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللهِ وَرَسُولِهِ (٤) إِلَى هِرَقْلَ عَظِيمِ الرُّومِ (٥) سَلَامٌ عَلَى مَنْ اتَّبَعَ الْهُدَى (٦) أَمَّا بَعْدُ: فَإِنِّي أَدْعُوكَ بِدِعَايَةِ الْإِسْلَامِ (٧) أَسْلِمْ تَسْلَمْ , أَسْلِمْ يُؤْتِكَ اللهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ (٨) فَإِنْ تَوَلَّيْتَ (٩) فَعَلَيْكَ إِثْمُ الْأَرِيسِيِّينَ (١٠)) (١١).
(٢) [القصص/٥٢ - ٥٤](٣) (خ) ٢٧٨٢(٤) قَوْلُهُ: (مِنْ مُحَمَّدٍ) فِيهِ أَنَّ السُّنَّةَ أَنْ يَبْدَأَ الْكِتَابَ بِنَفْسِهِ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ بَلْ حَكَى فِيهِ النَّحَّاسُ إِجْمَاعَ الصَّحَابَةِ، وَالْحَقُّ إِثْبَاتُ الْخِلَافِ. فتح الباري (ح٧)(٥) قَوْلُهُ (عَظِيمِ الرُّومِ) فِيهِ عُدُولٌ عَنْ ذِكْرِهِ بِالْمُلْكِ أَوِ الْإِمْرَةِ؛ لِأَنَّهُ مَعْزُولٌ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ، لَكِنَّهُ لَمْ يُخْلِهِ مِنْ إِكْرَامٍ , لِمَصْلَحَةِ التَّأَلُّفِ. فتح الباري (ح٧)(٦) لَيْسَ الْمُرَادُ مِنْ هَذَا التَّحِيَّةَ، إِنَّمَا مَعْنَاهُ: سَلِمَ مِنْ عَذَابِ اللهِ مَنْ أَسْلَمَ، فَلَمْ يَبْدَأِ الْكَافِرَ بِالسَّلَامِ قَصْدًا , وَإِنْ كَانَ اللَّفْظُ يُشْعِرُ بِهِ، لَكِنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْمُرَادِ , لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّنِ اتَّبَعَ الْهُدَى , فَلَمْ يُسَلِّمْ عَلَيْهِ. فتح الباري (ح٧)(٧) أَيْ: بِالْكَلِمَةِ الدَّاعِيَةِ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَهِيَ شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ , وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ.(٨) هُوَ مُوَافِقٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ} [القصص/٥٤]، وَإِعْطَاؤُهُ الْأَجْرَ مَرَّتَيْنِ لِكَوْنِهِ كَانَ مُؤْمِنًا بِنَبِيِّهِ , ثُمَّ آمَنَ بِمُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم -. فتح (ح٧)(٩) أَيْ: أَعْرَضْتَ عَنِ الْإِجَابَةِ إِلَى الدُّخُولِ فِي الْإِسْلَامِ , وَحَقِيقَةُ التَّوَلِّي إِنَّمَا هُوَ بِالْوَجْهِ , ثُمَّ اسْتُعْمِلَ مَجَازًا فِي الْإِعْرَاضِ عَنِ الشَّيْءِ. فتح الباري (ح٧)(١٠) (الْأَرِيسِيِّينَ) جَمْعُ أَرِيسِيٍّ , وَهُوَ مَنْسُوبٌ إِلَى أَرِيسَ.قَالَ ابْنُ سِيدَهْ: الْأَرِيسُ: الْأَكَّارُ , أَيِ: الْفَلَّاحُ , فَقَدْ جَاءَ مُصَرَّحًا بِهِ فِي رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ بِلَفْظِ: " فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الْأَكَّارِينَ ".زَادَ الْبَرْقَانِيُّ فِي رِوَايَتِهِ: يَعْنِي الْحَرَّاثِينَ ,قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الْمُرَادُ بِالْفَلَّاحِينَ: أَهْلُ مَمْلَكَتِهِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ يَزْرَعُ , فَهُوَ عِنْدَ الْعَرَبِ فَلَّاحٌ , سَوَاءٌ كَانَ يَلِي ذَلِكَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ.وقَالَ الْخَطَّابِيُّ: أَرَادَ أَنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الضُّعَفَاءِ وَالْأَتْبَاعِ إِذَا لَمْ يُسْلِمُوا تَقْلِيدًا لَهُ؛ لِأَنَّ الْأَصَاغِرَ أَتْبَاعُ الْأَكَابِرِ. فتح الباري (ح٧)(١١) (خ) ٢٧٨٢
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute