أَحَادِيثُ جَامِعَةٌ عَنْ عَلَامَاتِ السَّاعَة
(خ م د حم) , عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ - رضي الله عنه - قَالَ: (إِنَّ النَّاسَ كَانُوا يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ الْخَيْرِ , وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنْ الشَّرِّ , مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي , فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ , إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ , فَجَاءَنَا اللهُ بِهَذَا الْخَيْرِ , فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ , قَالَ: " نَعَمْ) (١) (فِتْنَةٌ وَشَرٌّ " , قُلْتُ: فَمَا الْعِصْمَةُ مِنْ ذَلِكَ (٢)؟ , قَالَ: " السَّيْفُ (٣) ") (٤) (قُلْتُ: وَهَلْ بَعْدَ هَذَا السَّيْفِ بَقِيَّةٌ؟) (٥) (قَالَ: " يَا حُذَيْفَةُ , تَعَلَّمْ كِتَابَ اللهِ , وَاتَّبِعْ مَا فِيهِ , يَا حُذَيْفَةُ , تَعَلَّمْ كِتَابَ اللهِ وَاتَّبِعْ مَا فِيهِ , يَا حُذَيْفَةُ , تَعَلَّمْ كِتَابَ اللهِ وَاتَّبِعْ مَا فِيهِ , قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ , أَبَعْدَ هَذَا الشَّرِّ خَيْرٌ؟) (٦) (قَالَ: " نَعَمْ , وَفِيهِ دَخَنٌ (٧) " , فَقُلْتُ: وَمَا دَخَنُهُ؟) (٨) (قَالَ: " يَكُونُ بَعْدِي أَئِمَّةٌ لَا يَهْتَدُونَ بِهُدَايَ , وَلَا يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي) (٩) (تَعْرِفُ مِنْهُمْ , وَتُنْكِرُ (١٠)) (١١) وفي رواية: (" هُدْنَةٌ عَلَى دَخَنٍ (١٢) وَجَمَاعَةٌ عَلَى أَقْذَاءٍ فِيهَا أَوْ فِيهِمْ (١٣) "فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ , الْهُدْنَةُ عَلَى الدَّخَنِ , مَا هِيَ؟ , قَالَ: " لَا تَرْجِعُ قُلُوبُ أَقْوَامٍ عَلَى الَّذِي كَانَتْ عَلَيْهِ (١٤) " , فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ , أَبَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ شَرٌّ؟ , قَالَ: " نَعَمْ, فِتْنَةٌ عَمْيَاءُ (١٥) صَمَّاءُ (١٦) عَلَيْهَا) (١٧) (دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ (١٨) مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا , قَذَفُوهُ فِيهَا " , فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ صِفْهُمْ لَنَا , قَالَ: " هُمْ رِجَالٌ مِنْ جِلْدَتِنَا , وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا) (١٩) (قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِي جُثْمَانِ إِنْسٍ " , فَقُلْتُ: وَكَيْفَ أَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللهِ إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ؟) (٢٠) (قَالَ: " إِنْ كَانَ للهِ خَلِيفَةٌ فِي الْأَرْضِ) (٢١) (فَالْزَمْ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ) (٢٢) (وَاسْمَعْ وَأَطِعْ لِلْأَمِيرِ (٢٣) وَإِنْ جَلَدَ ظَهْرُكَ (٢٤) وَأَخَذَ مَالَكَ (٢٥) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلَا إِمَامٌ) (٢٦) (فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا) (٢٧) (وَاهْرُبْ حَتَّى تَمُوتَ , فَإِنْ تَمُتْ وَأَنْتَ عَاضٌّ بِجِذْلِ شَجَرَةٍ (٢٨) خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَتَّبِعَ أَحَدًا مِنْهُمْ (٢٩) ") (٣٠) (قُلْتُ: ثُمَّ مَاذَا؟ , قَالَ: " ثُمَّ يَخْرُجُ الدَّجَّالُ , مَعَهُ نَهْرٌ وَنَارٌ , فَمَنْ وَقَعَ فِي نَارِهِ (٣١) وَجَبَ أَجْرُهُ (٣٢) وَحُطَّ وِزْرُهُ (٣٣) وَمَنْ وَقَعَ فِي نَهْرِهِ , وَجَبَ وِزْرُهُ , وَحُطَّ أَجْرُهُ (٣٤) ") (٣٥) (قُلْتُ: فَمَا بَعْدَ الدَّجَّالِ؟ , قَالَ: " عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ " , قُلْتُ: فَمَا بَعْدَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ؟ , قَالَ: " لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْتَجَ فَرَسَهُ (٣٦) مَا رَكِبَ مُهْرَهَا حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ ") (٣٧)
(١) (خ) ٣٤١١
(٢) أَيْ: فَمَا طَرِيقُ النَّجَاةِ وَالثَّبَاتِ عَلَى الْخَيْرِ , وَالْمُحَافَظَةِ عَنْ الْوُقُوعِ فِي ذَلِكَ الشَّرّ. عون المعبود (ج٩ص ٢٨٨)
(٣) أَيْ: تَحْصُلُ الْعِصْمَةُ بِاسْتِعْمَالِ السَّيْف , أَوْ طَرِيقُهَا أَنْ تَضْرِبَهُمْ بِالسَّيْفِ ,
قَالَ قَتَادَةَ: الْمُرَادُ بِهَذِهِ الطَّائِفَة , هُمْ الَّذِينَ اِرْتَدُّوا بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيّ - صلى الله عليه وسلم - فِي زَمَنِ خِلَافَةِ الصِّدِّيقِ - رضي الله عنه -.عون المعبود (ج٩ص ٢٨٨)
(٤) (د) ٤٢٤٤
(٥) (حم) ٢٣٤٧٦ , وقال الشيخ شعيب الأرناءوط: حديث حسن.
(٦) (د) ٤٢٤٦
(٧) (الدَّخَن): هُوَ الْحِقْد، وَقِيلَ: الدَّغَل، وَقِيلَ: فَسَادٌ فِي الْقَلْب، وَمَعْنَى الثَّلَاثَةِ مُتَقَارِب , يُشِيرُ إِلَى أَنَّ الْخَيْرَ الَّذِي يَجِيءُ بَعْدَ الشَّرِّ لَا يَكُونُ خَيْرًا خَالِصًا بَلْ فِيهِ كَدَرٌ.
وَقِيلَ: الْمُرَادُ بِالدَّخَنِ: الدُّخَان , وَيُشِيرُ بِذَلِكَ إِلَى كَدَرِ الْحَال.
وَقِيلَ: الدَّخَن: كُلُّ أَمْرٍ مَكْرُوه. فتح الباري (ج ٢٠ / ص ٨٩)
(٨) (خ) ٦٦٧٣
(٩) (م) ١٨٤٧
(١٠) أَيْ: تَعْرِفُ مِنْ أَعْمَالِهِمْ , وَتُنْكِر. فتح الباري (ج ٢٠ / ص ٨٩)
(١١) (خ) ٣٤١١
(١٢) أَيْ: عَلَى فَسَادٍ وَاخْتِلَاف , تَشْبِيهًا بِدُخَانِ الْحَطَبِ الرَّطْب , لِمَا بَيْنَهُمْ مِنْ الْفَسَادِ الْبَاطِنِ تَحْتَ الصَّلَاحِ الظَّاهِر. عون المعبود - (ج ٩ / ص ٢٨٨)
وَقَالَ أَبُو عُبَيْد: يُفَسِّرُ الْمُرَادُ بِهَذَا الْحَدِيثِ , الْحَدِيثُ الْآخَر " لَا تَرْجِعُ قُلُوبُ قَوْمٍ عَلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ " , وَأَصْلُهُ أَنْ يَكُونَ فِي لَوْنُ الدَّابَّةِ كُدُورَةٌ , فَكَأَنَّ الْمَعْنَى أَنَّ قُلُوبَهُمْ لَا يَصْفُو بَعْضُهَا لِبَعْضٍ. (فتح) - (ج٢٠ص ٨٩)
(١٣) أَيْ: وَاجْتِمَاعٌ عَلَى أَهْوَاءٍ مُخْتَلِفَة , أَوْ عُيُوبٍ مُؤْتَلِفَة.
وَفِي النِّهَايَة: أَرَادَ أَنَّ اِجْتِمَاعَهُمْ يَكُونُ عَلَى فَسَادٍ فِي قُلُوبِهِمْ , فَشَبَّهَهُ بِقَذَى الْعَيْنِ وَالْمَاءِ , وَالشَّرَاب. عون المعبود (ج٩ص ٢٨٨)
(١٤) أَيْ: لَا تَكُونُ قُلُوبُهُمْ صَافِيَةً عَنْ الْحِقْدِ وَالْبُغْضِ , كَمَا كَانَتْ صَافِيَةً قَبْل ذَلِكَ.
(١٥) أَيْ: يَعْمَى فِيهَا الْإِنْسَانُ عَنْ أَنْ يَرَى الْحَقَّ. عون المعبود - (ج ٩ / ص ٢٨٨)
(١٦) أَيْ: يُصَمُّ أَهْلُهَا عَنْ أَنْ يَسْمَعُوا فِيهَا كَلِمَةَ الْحَقِّ أَوْ النَّصِيحَة.
قَالَ الْقَاضِي: الْمُرَادُ بِكَوْنِهَا " عَمْيَاء صَمَّاء " أَنْ تَكُونَ بِحَيْثُ لَا يُرَى مِنْهَا مَخْرَجٌ وَلَا يُوجَدُ دُونَهَا مُسْتَغَاث , أَوْ أَنْ يَقَعَ النَّاسُ فِيهَا عَلَى غِرَّةٍ مِنْ غَيْرِ بَصِيرَة , فَيَعْمُونَ فِيهَا وَيَصِمُّونَ عَنْ تَأَمُّلِ قَوْلِ الْحَقّ , وَاسْتِمَاعِ النُّصْح.
وقَالَ الْقَارِي: وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ وَصَفَ الْفِتْنَةَ بِهِمَا كِنَايَةً عَنْ ظُلْمَتِهَا وَعَدَمِ ظُهُورِ الْحَقِّ فِيهَا , وَعَنْ شِدَّةِ أَمْرِهَا , وَصَلَابَة أَهْلهَا. عون المعبود (ج ٩ / ص ٢٨٨)
(١٧) عند (د) ٤٢٤٥ , و (حم) ٢٣٣٣٠
(١٨) أَيْ: كَأَنَّهُمْ كَائِنُونَ عَلَى شَفَا جُرُف مِنْ النَّار, يَدْعُونَ الْخَلْق إِلَيْهَا. عون (٩/ ٢٨٨)
(١٩) (خ) ٣٤١١ , (م) ١٨٤٧
(٢٠) (م) ١٨٤٧
(٢١) (د) ٤٢٤٤
(٢٢) (خ) ٦٦٧٣
(٢٣) أَيْ: وَلَا تُخَالِفْهُ لِئَلَّا تَثُورَ فِتْنَة. عون المعبود - (ج ٩ / ص ٢٨٨)
(٢٤) أَيْ: ضَرَبَ ظَهْرَكَ بِالْبَاطِلِ , وَظَلَمَكَ فِي نَفْسك. عون المعبود (٩/ ٢٨٨)
(٢٥) أَيْ: بِالْغَصْبِ.
(٢٦) (م) ١٨٤٧
(٢٧) (خ) ٣٤١١
(٢٨) أَيْ: بِأَصْلِهَا , أَيْ: اخْرُجْ مِنْهُمْ إِلَى الْبَوَادِي , وَكُلْ فِيهَا أُصُولَ الشَّجَرِ وَاكْتَفِ بِهَا , قَالَهُ السِّنْدِيُّ.
وقَالَ فِي الْفَتْح: الْجِذْل: عُودٌ يُنْصَبُ لِتَحْتَكَّ بِهِ الْإِبِل.
قَالَ الْبَيْضَاوِيّ: الْمَعْنَى إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَة , فَعَلَيْكَ بِالْعُزْلَةِ وَالصَّبْرِ عَلَى تَحَمُّلِ شِدَّةِ الزَّمَان، وَعَضُّ أَصْلِ الشَّجَرَة , كِنَايَةٌ عَنْ مُكَابَدَةِ الْمَشَقَّة , كَقَوْلِهِمْ: فُلَانٌ يَعَضُّ الْحِجَارَةَ مِنْ شِدَّةِ الْأَلَم , أَوْ الْمُرَادُ: اللُّزُوم , كَقَوْلِهِ فِي الْحَدِيث الْآخَر: " عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ " عون المعبود (ج ٩ / ص ٢٨٨)
(٢٩) أَيْ: مِنْ أَهْلِ الْفِتْنَة , أَوْ مِنْ دُعَاتِهِمْ.
(٣٠) (د) ٤٢٤٤ , (خ) ٦٦٧٣
(٣١) أَيْ: مَنْ خَالَفَهُ حَتَّى يُلْقِيه فِي نَاره.
(٣٢) أَيْ: ثَبَتَ وَتَحَقَّقَ أَجْرُ الْوَاقِع.
(٣٣) أَيْ: رُفِعَ وَسُومِحَ.
(٣٤) أَيْ: بَطَلَ عَمَلُهُ السَّابِق.
(٣٥) (د) ٤٢٤٤
(٣٦) أَيْ: سَعَى فِي تَحْصِيلِ وَلَدِهَا بِمُبَاشَرَةِ الْأَسْبَاب.
(٣٧) (ش) ٣٨٢٦٨ , انظر الصَّحِيحَة: ٢٧٣٩