مَنَاقِبُ زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ - رضي الله عنها -
(خ م ت س) , عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ: (جَاءَ زَيْدٌ بْنُ حَارِثَةَ - رضي الله عنه - يَشْكُو زَيْنَبَ بِنْتَ جَحْشٍ - رضي الله عنها - حَتَّى هَمَّ بِطَلَاقِهَا (١) فَاسْتَأمَرَ (٢) النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: " أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ , فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة: {وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ (٣)} (٤)) (٥) (فَلَمَّا انْقَضَتْ عِدَّةُ زَيْنَبَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لِزَيْدٍ: " اذْهَبْ فَاذْكُرْهَا عَلَيَّ (٦) "، فَانْطَلَقَ زَيْدٌ حَتَّى أَتَاهَا وَهِيَ تُخَمِّرُ (٧) عَجِينَهَا، قَالَ: فَلَمَّا رَأَيْتُهَا عَظُمَتْ فِي صَدْرِي حَتَّى مَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَنْظُرَ إِلَيْهَا) (٨) (حِينَ عَلِمْتُ أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - ذَكَرَهَا) (٩) (فَوَلَّيْتُهَا ظَهْرِي وَنَكَصْتُ (١٠) عَلَى عَقِبَيَّ (١١)) (١٢) (فَقُلْتُ: يَا زَيْنَبُ أَبْشِرِي، " أَرْسَلَنِي رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَذْكُرُكِ (١٣) ") (١٤) (قَالَتْ: مَا أَنَا بِصَانِعَةٍ شَيْئًا حَتَّى أُآمِرَ (١٥) رَبِّي - عز وجل - فَقَامَتْ إِلَى مَسْجِدِهَا (١٦) وَنَزَلَ الْقُرْآنَ:) (١٧) ({فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولًا} (١٨) ") (١٩) (" فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فَدَخَلَ عَلَيْهَا بِغَيْرِ إِذْنٍ (٢٠) ") (٢١) (قَالَ: فَكَانَتْ زَيْنَبُ تَفْخَرُ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - تَقُولُ: زَوَّجَكُنَّ أَهْلُكُنَّ، وَزَوَّجَنِي اللهُ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ) (٢٢) وفي رواية: (إِنَّ اللهَ أَنْكَحَنِي فِي السَّمَاءِ) (٢٣).
(١) أَيْ: أَرَادَ أَنْ يُطَلِّقَهَا. تحفة الأحوذي - (ج ٨ / ص ٥٥)(٢) أَيْ: اِسْتَشَارَ. تحفة الأحوذي - (ج ٨ / ص ٥٥)(٣) أَخْرَجَ اِبْن أَبِي حَاتِم هَذِهِ الْقِصَّة فَسَاقَهَا سِيَاقًا وَاضِحًا حَسَنًا , وَلَفْظه: " بَلَغَنَا أَنَّ هَذِهِ الْآيَة نَزَلَتْ فِي زَيْنَب بِنْت جَحْش، وَكَانَتْ أُمّهَا أُمَيْمَة بِنْت عَبْد الْمُطَّلِب عَمَّة رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - وَكَانَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - أَرَادَ أَنْ يُزَوِّجَهَا زَيْد بْن حَارِثَة مَوْلَاهُ فَكَرِهَتْ ذَلِكَ، ثُمَّ إِنَّهَا رَضِيَتْ بِمَا صَنَعَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - فَزَوَّجَهَا إِيَّاهُ، ثُمَّ أَعْلَمَ اللهُ - عز وجل - نَبِيَّهُ - صلى الله عليه وسلم - بَعْدُ أَنَّهَا مِنْ أَزْوَاجه , فَكَانَ يَسْتَحِي أَنْ يَأمُرَهُ بِطَلَاقِهَا، وَكَانَ لَا يَزَال يَكُون بَيْنَ زَيْد وَزَيْنَب مَا يَكُون مِنْ النَّاسِ، فَأَمَرَهُ رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أَنْ يُمْسِكَ عَلَيْهِ زَوْجَهُ , وَأَنْ يَتَّقِيَ الله، وَكَانَ يَخْشَى النَّاسَ أَنْ يَعِيبُوا عَلَيْهِ , وَيَقُولُوا تَزَوَّجَ اِمْرَأََة اِبْنِهِ، وَكَانَ قَدْ تَبَنَّى زَيْدًا ".وَالْحَاصِل أَنَّ الَّذِي كَانَ يُخْفِيه النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - هُوَ إِخْبَارُ اللهِ إِيَّاهُ أَنَّهَا سَتَصِيرُ زَوْجَتَه، وَالَّذِي كَانَ يَحْمِلُهُ عَلَى إِخْفَاء ذَلِكَ خَشْيَةُ قَوْلِ النَّاسِ: تَزَوَّجَ اِمْرَأَةَ اِبْنِه، وَأَرَادَ الله إِبْطَالَ مَا كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ عَلَيْهِ مِنْ أَحْكَامِ التَّبَنِّي بِأَمْرٍ لَا أَبْلَغَ فِي الْإِبْطَال مِنْهُ , وَهُوَ تَزَوُّجُ اِمْرَأَةِ الَّذِي يُدْعَى اِبْنًا , وَوُقُوع ذَلِكَ مِنْ إِمَام الْمُسْلِمِينَ , لِيَكُونَ أَدْعَى لِقَبُولِهِمْ. فتح الباري (ج ١٣ / ص ٣٢٤)(٤) [الأحزاب/٣٧](٥) (ت) ٣٢١٢ , (خ) ٤٥٠٩(٦) أَيْ: اخْطُبْهَا لِأَجْلِي , وَالْتَمِسْ نِكَاحهَا لِي.(٧) تُخمِّر: تُغطي.(٨) (م) ١٤٢٨(٩) (ن) ٨١٨٠ , (م) ١٤٢٨(١٠) أَيْ: رَجَعْت.(١١) مَعْنَاهُ أَنَّهُ هَابَهَا وَاسْتَجَلَّهَا مِنْ أَجَل إِرَادَةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - تَزَوُّجَهَا، فَعَامَلَهَا مُعَامَلَة مَنْ تَزَوَّجَهَا - صلى الله عليه وسلم - فِي الْإِعْظَام وَالْإِجْلَال وَالْمَهَابَة، وَهَذَا قَبْلَ نُزُولِ الْحِجَابْ، فَلَمَّا غَلَبَ عَلَيْهِ الْإِجْلَالُ , تَأَخَّرَ , وَخَطَبَهَا وَظَهْرُهُ إِلَيْهَا , لِئَلَّا يَسْبِقَهُ النَّظَرُ إِلَيْهَا. شرح النووي على مسلم - (ج ٥ / ص ١٤٤)(١٢) (م) ١٤٢٨(١٣) أَيْ: يَخْطبك.(١٤) (س) ٣٢٥١(١٥) أَيْ: أَسْتَخِير.(١٦) أَيْ: مَوْضِع صَلَاتهَا مِنْ بَيْتهَا , وَفِيهِ اِسْتِحْبَاب صَلَاة الِاسْتِخَارَة لِمَنْ هَمَّ بِأَمْرٍ سَوَاء كَانَ ذَلِكَ الْأَمْر ظَاهِرَ الْخَيْرِ أَمْ لَا، وَهُوَ مُوَافِق لِحَدِيثِ جَابِر فِي صَحِيح الْبُخَارِيّ قَالَ: " كَانَ رَسُول الله - صلى الله عليه وسلم - يُعَلِّمنَا الِاسْتِخَارَة فِي الْأُمُور كُلّهَا يَقُول: إِذَا هَمَّ أَحَدكُمْ بِالْأَمْرِ , فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْر الْفَرِيضَة , إِلَى آخِره ".وَلَعَلَّهَا اِسْتَخَارَتْ لِخَوْفِهَا مِنْ تَقْصِيرٍ فِي حَقّه - صلى الله عليه وسلم -. شرح النووي (٥/ ١٤٤)(١٧) (م) ١٤٢٨ , (س) ٣٢٥١(١٨) [الأحزاب/٣٧](١٩) (م) ١٤٢٨(٢٠) دَخَلَ عَلَيْهَا بِغَيْرِ إِذْن لِأَنَّ الله تَعَالَى زَوَّجَهُ إِيَّاهَا بِهَذِهِ الْآيَة. النووي (٥/ ١٤٤)(٢١) (م) ١٤٢٨ , (س) ٣٢٥١(٢٢) (خ) ٦٩٨٤ , (ت) ٣٢١٣(٢٣) (خ): ٦٩٨٥
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute