الْوُضُوء مِنْ آنِيَة الذَّهَب وَالْفِضَّة
اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي صِحَّةِ التَّوَضُّؤِ مِنْ إِنَاءِ الذَّهَبِ، فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الأَصَحِّ) إِلَى صِحَّةِ الْوُضُوءِ مَعَ تَحْرِيمِ الْفِعْلِ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: " لا تَشْرَبُوا فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَلا تَأكُلُوا فِي صِحَافِهِمَا "، فَقِيسَ غَيْرُ الأَكْلِ وَالشُّرْبِ مِنْ سَائِرِ الاسْتِعْمَالاتِ عَلَيْهِمَا؛ لأَنَّ عِلَّةَ التَّحْرِيمِ وُجُودُ عَيْنِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَقَدْ تَحَقَّقَتْ فِي الاسْتِعْمَالاتِ الأُخْرَى كَالطَّهَارَةِ فَتَكُونُ مُحَرَّمَةً أَيْضًا. وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ فِي الْوَجْهِ الثَّانِي إِلَى عَدَمِ صِحَّةِ الْوُضُوءِ مِنْهُمَا قِيَاسًا عَلَى الصَّلاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ. (١)
الْوُضُوءُ وَالْغُسْلُ مِنْ آنِيَةِ الْفِضَّةِ:
إِذَا تَوَضَّأَ إِنْسَانٌ - رَجُلا كَانَ أَوِ امْرَأَةً - مِنْ إِنَاءِ فِضَّةٍ فَلِلْفُقَهَاءِ فِيهِ مَذْهَبَانِ:
الأَوَّلُ لِجُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ: أَنَّهُ لا يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ وَالاغْتِسَالُ مِنْ آنِيَةِ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ، قَالَ الدُّسُوقِيُّ: فَلا يَجُوزُ فِيهِ أَكْلٌ وَلا شُرْبٌ، وَلا طَبْخٌ وَلا طَهَارَةٌ، وَإِنْ صَحَّتِ الصَّلاةُ، كَالصَّلاةِ فِي الأَرْضِ الْمَغْصُوبَةِ، تَصِحُّ مَعَ الْحُرْمَةِ. (٢)
الثَّانِي: الْمَذْهَبُ الْقَدِيمُ لِلشَّافِعِيِّ أَنَّهُ مَكْرُوهٌ تَنْزِيهًا، وَهُوَ وَجْهٌ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، وَأَنَّهُ لا تَصِحُّ الطَّهَارَةُ مِنْهُ (٣)
(١) ابن عابدين ٥/ ٢١٧ وما بعدها، وفتح القدير ٨/ ٥٠٧، والروضة ١/ ٤٦، وأسنى المطالب ١/ ٢٧، وجواهر الإكليل ١/ ١٠، والقوانين الفقهية ص ٣٧ ـ ٣٨، والمغني ١/ ٧٥ ـ ٧٦.(٢) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير للدردير ١/ ٦٤.(٣) المجموع ١/ ٢٤٩، والإنصاف ١/ ٨٠ ـ ٨١.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute