وأخرجه أبو نعيم بلفظ:"لأَنَا فيْ فِتْنَةِ السَّرَّاءِ أَخْوَفُ عَلَيْكُمْ مِنْ فِتْنَةِ الضَّرَّاءِ" ... إلى آخره (٢).
وروى ابن عساكر عن المنكدر بن محمد بن المنكدر قال: بلغني أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال:"لأَنَا أَشَدُّ عَلَيْكُمْ خَوْفًا مِنَ النِّعَمِ مِنِّي مِنَ الذُّنوبِ، أَلاَ إنَّ النِّعَمَ الَّتيْ لاَ تُشْكَرُ هِيَ الحَتْفُ القَاضِيْ"(٣)؛ أي: المُهلك.
ولا شك أن المال - وإن كان يُسمى خيراً كما في قوله تعالى:{إِنْ تَرَكَ خَيْرًا}[البقرة: ١٨٠]، "وقوله:{إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي}[ص: ٣٢]- إلا أنَّه يعود شراً إذا جرَّ إلى الشر.
ومن هنا كان أولياء الله تعالى إذا فتحت عليهم الدنيا وَجِلُوا منها خشية أن يغتروا بها، وأن يكون إقبالها عليهم إملاء لهم واستدراجاً لهم، ألا ترى إلى ما يفتح من الدُّنيا على الفجار والفساق؟
(١) رواه أبو يعلى في "المسند" (٧٨٠)، والبزار في "المسند" (١١٦٨). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (١٠/ ٢٤٦): رواه أبو يعلى والبزار، وفيه رجل لم يسم، وبقية رجاله رجال الصحيح. (٢) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (١/ ٩٣). (٣) رواه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٢٦/ ١٣٥).