وإنما كره ذلك لما فيه من الرياء والمباهاة، ولأنه دخل في جملة ما نهي عنه من أكل المال بالباطل (١)، انتهى.
وروى الإمام أحمد في "الزهد" عن حميد بن نعيم: أن عمر، وعثمان رضي الله تعالى عنهما ذهبا إلى طعام، فلما خرجا قال عثمان لعمر رضي الله تعالى عنهما: قد شهدنا طعاماً لوددنا أنا لم نشهده.
قال: لِمَ؟
قال: إني أخاف أن يكون صُنِعَ مباهاةً (٢).
[١٦ - ومن أخلاق الجاهلية: التحرج عن الأكل من الهدي والأضحية.]
روى عبد الرزاق، وسعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن إبراهيم - هو النخعي - رحمه الله تعالى قال: كان المشركون لا يأكلون من ذبائح نسائكهم، فنزلت:{فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ}[الحج: ٢٨]، والأكل منها سنة إلا أن تكون منذورة (٣).
قال جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنه: نحر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ستة وستين، ونحر علي أربعة وثلاثين، ثم أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من كل جزور ببضعة فجعلت في قِدر، فأكل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من اللحم، وحَسا من
(١) انظر: "شرح السنة" للبغوي (٩/ ١٤٤). (٢) رواه الإمام أحمد في "الزهد" (ص: ١٢٦). (٣) انظر: "الدر المنثور" للسيوطي (٦/ ٣٨).