وعن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - قال: كان يحيى بن زكريا عليهما السلام يبكي حتى بدت أضراسه، فقالت له أمه: لو أذنت لي يابني حتى أعد لك قطعتين من لبود فأواري بهما أضراسك عن الناظرين، قال: أنت وذاك يا أمه، قال: فاتخذت له قطعتين من لبود فألصقتهما على خديه، وكان يبكي فتنتقع من الدموع، فتجيء أمه فتعصرهما، فتَسِيْل دموعه حتى تَبُلَّ ذراعها (١).
وعن وهيب بن الورد رحمه الله قال: كان يحيى بن زكريا عليهما السلام له خطان في خديه من البكاء، فقال له أبوه زكريا: إني إنمَّا سألت ولداً تقرُّ به عيني، فقال له: يا أبه! إنَّ جبريل عليه السلام أخبرني أنَّ بين الجنة والنار مفازة لا يقطعها إلاَّ كلُّ بكَّاء (٢).
وروى الإمام أحمد في "الزهد" عن مجاهد رحمه الله قال: كان طعام يحيى بن زكريا عليهما السلام العشب، وإن كان ليبكي من خشيه الله تعالى ما لو كان القارُ على عينيه لحرقه، ولقد كانت الدموع اتخذت مجرىً في وجهه (٣).
[٤٣ - ومنها: الحزن.]
قال الله تعالى في يعقوب عليه السلام: {وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ
(١) رواه ابن أبي الدنيا في "الرقة والبكاء" (٣٩٧). (٢) رواه ابن أبي الدنيا في "الرقة والبكاء" ((٣٩٨)، وكذا رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (٨/ ١٤٩). (٣) رواه الإمام أحمد في "الزهد" (ص: ٩٠).