والسماء، وهو يخاف من حية تبدو له، أو فأرة تنفر عنده، فلا أضعف من مخلوق، ولا أقوى من الخالق.
[١٤ - ومنها: معاداة أولياء الله تعالى، وإيذاؤهم، والوقيعة فيهم، وعيبهم، والاستهانة بهم، وتعييرهم بما في البدن من عاهة ونحوها.]
قال الله تعالى: {وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَاقَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ (٥١) أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ} [الزخرف: ٥١، ٥٢]؛ يعني: موسى عليه السلام.
وكانت لموسى لثغة في لسانه كما رواه ابن المنذر عن ابن عبَّاس رضي الله تعالى عنهما (١)، ولا ينافي هذا قوله تعالى حكاية عن موسى عليه السَّلام:{وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي}[طه: ٢٧]، مع قوله - عز وجل -: {قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى}[طه: ٣٦]؛ فإنَ هذا محمول على أنَّ فرعون عير ببقاء أثر اللثغة بعد أن أزيلت شدتها التي كانت تمنع من تفقه كلامه وتفهمه الذي هو مطلوب موسى عليه السلام بقوله: {وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (٢٧) يَفْقَهُوا قَوْلِي} [طه: ٢٧، ٢٨] على أنَّ اللَّثغة اللَّطيفة لا تُشين صاحبها، وقد تستحسن منه.
وقد حكي أنَّ للحسين بن عليٍّ رضي الله تعالى عنهما رتة لطيفة لا تشينه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إِن الْحُسَيْنَ وَرِثَها مِنْ عَمِّهِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلامُ"(٢).
(١) انظر: "الدر المنثور" للسيوطي (٧/ ٣٨٣). (٢) ذكره الزمخشري في "الكشاف" (٣/ ٦٢). وقال الزيلعي في "تخريج أحاديث الكشاف" (٢/ ٣٥٢): غريب جداً.