قال الله تعالى مخاطبا لفرعون عند غرقه:{فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ}[يونس: ٩٢].
يحتمل أن يكون قد قال له ذلك قبل خروج روحه، فيكون على سبيل الاستهزاء به وإطماعه في النجاة زيادة في عذابه، فلما طمع في النجاة قيل له:{بِبَدَنِكَ}، فآيسه من النجاة.
ويحتمل أن يكون إنما قيل له ذلك بعد موته، فيكون على حد قوله - صلى الله عليه وسلم - لقتلى بدر:"وَجَدْتُ مَا وَعَدَنِي رَبى حَقًّا، فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَكُمْ رَبُّكُمْ حَقًا"(١).
والعرب تنادي الموتى، والطلول، والديار على وجه التدله، والتذكرة، والإنذار، والاعتبار.
وقوله:{لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً}؛ يعني: بني إسرائيل، أو إياهم وغيرهم ليصدقوا بموته.
قال مجاهد: كذَّب بعض بني إسرائيل بموت فرعون، فَألقِي على ساحل البحر حتى يراه بنو إسرائيل أحمر قصيراً كأنه ثور. رواه المفسرون، وابن الأنباري في "المصاحف"(٢).
(١) رواه مسلم (٢٨٧٤) عن أنس - رضي الله عنه -. (٢) رواه الطبري في "التفسير" (١١/ ١٦٦) عن ابن جريج، و (١١/ ١٦٥) عن قيس بن عباد. وانظر: "الدر المنثور" للسيوطي (٤/ ٣٨٨).