وقال المستلم بن سعيد: كان رجل بأرض طبرستان - قال: وهي أرض آسية كثيرة الشجر - قال: فبينما هو يسير إذ نظر إلى ورق الشجر قد جف، فتساقط، وتراكم بعضه على بعض، فجعل يفكر في نفسه وهو يسير: أترى الله عز وجل يحصي هذا كله؟ فسمع منادياً ينادي:{أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}[الملك: ١٤](١).
روى هذه الآثار ابن أبي الدنيا في كتاب "الهواتف".
وأقرب ما يحمل عليه ما فيها أن الهواتف بهؤلاء من الملائكة عليهم السَّلام.
[٨٢ - ومنها: قولهم فيما لا يعلمون: "لا علم لنا"، أو:"لا ندري"]
قال الله تعالى حكاية عن الملائكة عليهم السلام:{قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا}[البقرة: ٣٢].
قال القرطبي: الواجب على من سئل عن علم أن يقول إن لم يعلم:
(الله أعلم)، و:(لا أدري) اقتداء بالملائكة، والأنبياء، والفضلاء من العلماء (٢). انتهى.
وسئل الشعبي عن مسألة فقال: لا علم لي بها، فقيل: ألا تستحيي؟ قال: ولِمَ أستحيي مما لم تستحِ منه ملائكة الرحمن حين قالوا: {لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ}[البقرة: ٣٢]؟ .
(١) رواه ابن أبي الدنيا في "الهواتف" (ص: ٣١). (٢) انظر: "تفسير القرطبي" (١/ ٢٨٥).