للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

روى المفسرون، واللالكائي في "السنة" عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: أنَّه قال في الآية: نبتليكم بالشدة والرخاء، والصحة والسقم، والغنى والفقر، والحلال والحرام، والطاعة والمعصية، والهدى والضلالة (١).

والبلاء والابتلاء: الاختبار، وهو معنى الفتنة، ولذلك نُصبت نصب المصدر بـ (نبلوكم).

وذلك أن الله تعالى يبتلي العبد بالنعمة والسَّراء والخير ليظهر شكره أو كفره، كما قال سليمان بن داود عليهما السلام: {لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ} [النمل: ٤٠].

كما يبتليه بالنقمة والضراء والشر ليظهر صبره أو جزعه.

ولعل فتنة السَّراء أعظم من فتنة الضراء؛ لأن السَّراء معها البطر والغرُور والعجب، وهي موافقة لهوى النفس بخلاف الضراء؛ فإنها تورث الذلة والضعف والمسكنة، وإن كانت تلجئ إلى الجزع والضجر.

ومن هنا قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لأَنَا لِفِتْنَةِ السَّرَّاءِ أَخْوَفُ عَلَيْكُمْ مِنْ فِتْنَةِ الضَّرَّاءِ، إِنَّكُمْ ابْتُلِيْتُمْ بِفِتْنَةِ الضَّرَّاءِ فَصَبَرْتُمْ، وإِنَّ الدُّنْيَا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ". رواه أبو يعلى، والبزار عن سعد بن أبي وقاص رضي الله


(١) رواه الطبري في "التفسير" (١٧/ ٢٥)، واللالكائي في "اعتقاد أهل السنة" (٣/ ٥٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>