للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اضطر، فيقدر اضطراره لا غير، كما تقدم عن حاتم الأصم رحمه الله تعالى قال: قال لي شقيق البَلْخي: اِصحب النَّاس كما تصحب النار؛ خذ منفعتها واحذر أن تحرقك (١).

ويبعد عن مشاهدة المناكر، بل يعرض عن مشاهدة زخارف الدنيا وزينتها بالكلية؛ فإنها إما شر، وإما تؤدي إلى الشر.

كما روى الدينوري في "المجالسة" عن عبد الله بن جعفر الرقي، قال: وشى واشٍ برجل إلى الإسكندر، قال: أتحب أن نقبل منك ما قلت فيه على أنا نقبل منه ما قال فيك؟

فقال: لا.

فقال له: فكُفَّ عن الشر يُكَفُّ الشر عنك (٢).

وهذا القول من الإسكندر حكمة بالغة.

والكف عن الشر شامل لكف اللسان عن الغيبة والنميمة، والسعاية والكذب، وغير ذلك، وغض البصر عما لا يحل، وعما يُكره من زينة الدُّنيا وغيره، وكف السَّمع عما ينبغي، وكف اللسان عن التكلم به، وكف اليد عن ضرر الناس بقتلٍ أو ضرب، أو إشارة، أو غير ذلك، وكف الرجل عن المشي في معصية، بل وعما سوى الطَّاعة، وكف الشم والذوق والمس عما لا يليق، وكف النفس عن


(١) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (٨/ ٧٧).
(٢) رواه الدينوري في "المجالسة وجواهر العلم" (ص: ١٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>