الشَّهوات، وعن موافقة الأصدقاء والخلان فيما لا ينبغي، وعن مقابلة الأضداد بالخصومات والمجادلات وغيرها؛ فإنه يتعوض عن تشفي النفس بذلك بفضيلة العفو وثواب الحلم والكرم.
وقد روى الدَّينوري في "المجالسة" عن حذيفة بن اليمان رضي الله تعالى عنهما: أنَّه قال لرجل: أتحب أن تغلب شر الناس؟
قال: نعم.
قال إنك إن تغلبه تكنْ شراً منه (١).
ويبعد أشد الإبعاد عن معاشرة الملوك والأغنياء إلا على حد الضَّرورة؛ فإن معاشرتهم تؤدي إلى استحسان ما هم فيه، وذلك يجر إلى الوقوع فيه وإلى مُراءاتهم ومنافقتهم، وكفى بذلك شراً.
وهؤلاء في هذه الأعصار لا يسلمون ولا يسلم أصحابهم من الوقوع في الآثام والمعاصي في لباسهم، ومساكنهم، ومطاعمهم ومشاربهم، وغير ذلك، وكفى بالمعاصي وما يجر إليها شراً، وإذا زعم تقي في عشرتهم على حد الحرص منهم، والحذر من مشاركتهم فيما هو فيه، وكان صادقاً في زعمه، فقد أوقع النَّاس في الوقوع فيه، وأساء الظن به، كما قال بشر بن الحارث رحمه الله تعالى: صحبة الأشرار تورث سوء الظن بالأخيار (٢).
(١) رواه الدينوري في "المجالسة وجواهر العلم" (ص: ٢٣٧). (٢) رواه القشيري في "رسالته" (ص: ٣٢٨).