وبذلك يتضح لك معنى ما رواه الإمام أحمد، والطَّبراني في "الكبير" عن ميمون بن سنباذ رضي الله تعالى عنه: أنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"قِوَامُ أُمَّتيْ بِشِرَارِهَا"(٢).
وقوام الشيء: عماده الذي يقوم به.
فإنه محمول على غير زمان النبى -صلى الله عليه وسلم- وزمان الصحابة -رضي الله عنهم - حين صار الأمر بعد الخلافة ملكاً عَضُوضاً.
فاعلم يا أخي - أرشدني الله وإياك، وإن كنا في زمان بالسوء أليق، ولأهل الشر أوفق - أنَّ من وفقه الله في هذه الأزمنة - وما ذلك على الله بعزيز - إلى الاستقامة على قدم التقوى من أهل العلم بقدر طاقته واستطاعته، فهو قطب الوقت المطلق، وولي الزمان المحقق، ولا أعني بذلك أن يعرف الخير من الشر فقط حتى يفعل الخير كما أمر، ويحذر الشر كما أمر، كما روى عبد الله ابن الإمام أحمد في "زوائد الزهد" عن سفيان بن عيينة رحمه الله تعالى قال: ليس العالم الذي يعرف الخير من الشر، إنما العالم الذي يعرف الخير فيتبعه، ويعرف الشر فيجتنبه (٣).
(١) تقدم تخريج هذه الألفاظ جميعاً. (٢) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٥/ ٢٢٧)، والطبراني في "المعجم الكبير" (٢٠/ ٣٥٣). قال ابن عبد البر في "الاستيعاب" (٤/ ١٤٨٨): ليس إسناد حديثه بالقائم، وقد أنكر بعضهم أن تكون له صحبة. (٣) رواه عبد الله ابن الإمام أحمد في "زوائد الزهد" (ص: ١٦٧).