للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتمام التقوى أن يتقي الله العبد حتى يتقيه في مثقال ذرة، حتى يترك بعض ما يرى أنه حلال خشية أن يكون حراماً حتى يكون حاجزاً بينه وبين الحرام؛ إنَّ الله قد بين للناس الذي هو مصيرهم إليه: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: ٧ - ٨]؛ فلا تحقرن شيئاً من الشر أن تتقيه، ولا شيئاً من الشر أن تفعله (١).

وروى ابن سعد في "طبقاته" عن شدَّاد بن أوس رضي الله تعالى عنه: أنه خطب الناس، فحمد الله أثنى عليه، وقال: يا أيُّها الناس! ألا إنَّ الدنيا عَرَضٌ حاضر، يأكل منه البر والفاجر، والآخرة أجلٌ مستأخر، يقضي فيه ملكٌ قادر.

ألا وإنَّ الخير بحذافيره في الجنة، ألا وإن الشر بحذافيره في النار.

ألا واعلموا أنه من يعمل مثقال ذرة خيراً يره، ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره (٢).

وروى المفسرون، والطَّبراني في "الأوسط"، والبيهقي في "الشُّعب" عن أنس -رضي الله عنه- قال: بينما أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه يأكل مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذ نزل عليه: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا


(١) ورواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (١/ ٢١٢).
(٢) كذا عزاه السيوطي في "الدر المنثور" (٨/ ٥٩٨) إلى ابن سعد، ورواه البيهقي في "شعب الإيمان" (٥٥٩٩) مرفوعاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>