وروى الإمامان عبد الله بن المبارك في "الزهد"، وأحمد، والنسائي، والحاكم وصححه، عن صعصعة بن معاوية عم الفرزدق أو جده: أنه قدم على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فسمعه يقرأ هذه الآية:{فَمَنْ يَعْمَلْ} ... إلى آخره، فقال: حسبي حسبي، لا أُبالي أن أسمع غيرها.
وفي رواية: أن لا أسمع من القرآن غيرها (١).
وروى عبد الرزاق، وابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم: أن النبي -صلى الله عليه وسلم - دفع رجلاً إلى رجلٍ يعلمه، فعلمه حتى بلغ:{فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} فقال: حسبي.
فقال الرجل: يا رسول الله! أرأيت الرجل الذي أمرتني أن أُعلمه لمَّا بلغ {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} قال: حسبي.
فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "دَعْهُ؛ فَقَدْ فَقُهَ"(٢).
وروى الإمام أحمد في "الزهد"، وغيره عن أبي الدَّرداء رضي الله تعالى عنه قال: لولا ثلاث لأحببتُ أن لا أبقى في الدنيا: وضعي وجهي للسجود لخالقي في اختلاف الليل والنهار تقدمةً لحياتي، وظمأ الهواجر، ومقاعدة أقوام ينتقون الكلام كما تُنتقى الفاكهة.
(١) رواه ابن المبارك في "الزهد" (١/ ٢٧)، والإمام أحمد في "المسند" (٥/ ٥٩)، والنسائي في "السنن الكبرى" (١١٦٩٤)، والحاكم في "المستدرك" (٦٥٧١). (٢) رواه عبد الرزاق في "التفسير" (٣/ ٣٨٨)، وانظر: "الدر المنثور" للسيوطي (٨/ ٥٩٦).