ثم روى ابن المبارك عن يزيد بن ميسرة قال: إن الله تعالى يقول: أيها الشاب التارك شهوته لي، المبتذل شبابه من أجلي! أنت عندي كبعض ملائكتي (١).
وقد سبق في رواية أبي نعيم عن شريح نحوه، لكن هذا أتم.
وقوله في هذه الرواية: المبتذل - بالذال المعجمة -: الذي يسمح بنفسه فيبذلها في الطاعة، أو الذي يمتهن نفسه في خدمة الله تعالى وطاعته.
والبذلة: المهنة؛ من قولهم: ابتذلت الثوب، إذا لبسته في الخدمة ولم تصنه.
وروى ابن أبي الدنيا عن حفصة رضي الله تعالى عنها: أن شابًا رأى في منامه أن شيخاً يمشي بين يديه، قال: فجعل يمشي بين يدي ولا ألحقه، قال: فالتفت إلي وقال: إني كنت سريعاً في الشباب.
قال ابن أبي الدنيا: قلت لأزهر - يعني: ابن مروان -: ما يعني بذلك؟
قال: يقول: كنت سريعاً في العمل في الشباب. انتهى (٢).
قلت: يحتمل هذا الكلام وجهين: أحدهما: أن من كان سريعاً إلى طاعة الله في شبابه حفظ الله
(١) رواه ابن المبارك في "الزهد" (١/ ١١٧). (٢) رواه ابن أبي الدنيا في "المنامات" (ص: ٤٢).