للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيما لم يكن له في شرعنا بيان خاص إمَّا بالموافقة أو بالمخالفة، ثم لا نأخذ به إلاَّ إن ثبت أنَّه شرع سابق بطريق يفيد العلم لا بمجرد نقل أهل الكتاب، ولا بالرجوع إلى ما في كتبهم.

وفي الحديث الصحيح: "إِذَا حَدَّثَكُم أَهْلُ الْكِتَابِ فَلا تُصَدِّقُوهُم وَلا تُكَذِّبُوهُم" (١).

وأمَّا قول ابن عباس -رضي الله عنهما-: وكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء (٢).

ولعلَّ محل ذلك فيما لو دار أمره بين أمرين أحدهما يوافق فيه المشركين، والآخر يوافق فيه أهل الكتاب؛ لأنَّه كان يرجو أن يكون موافقاً لما لم يكن مُغيَّراً من كتابهم، وهذا كما في الفرق والسدل، ثم أمر بالفرق ففرق.

أو يقول: كان من شِرْعه -صلى الله عليه وسلم- موافقته لأهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء، ثم نسخ ذلك وأمر بمخالفتهم، ولذلك كان يسدل ثم فرق، وصار الفرق شعارَ المسلمين.

وهذا كما كان -صلى الله عليه وسلم- يستقبل بيت المقدس موافقة لأهل الكتاب، ثم نسخ ذلك وأمر باستقبال الكعبة.

وقد روى ابن عدي في "الكامل" عن ابن عمر رضي الله تعالى


(١) رواه أبو داود (٣٦٤٤) عن أبي نملة -رضي الله عنه-.
(٢) تقدم تخريجه قريباً.

<<  <  ج: ص:  >  >>