هُلْب رضي الله تعالى عنه: أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال:"لا يَخْتَلِجَنَّ فِي صَدْرِكَ شَيْءٌ ضَارَعْتَهُ"(١)؛ أي: شابهت فيه النصرانية.
فإن قيل: ما تصنع بقول الأكثرين - وإن كان أكثر المحققين على خلافه -: إن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يدل شرعنا على خلافه؟
وبحديث "الصحيحين" عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: "كَانَ أَهْلُ الكِتَابِ يسْدِلُونَ أَشْعَارَهُم، وَكَانَ المُشْرِكُونَ يُفَرِّقُونَ شُعُورَهُم، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يُحِبُّ مُوَافَقَةَ أَهْلِ الكِتَابِ فِيْمَا لَمْ يُؤْمَرْ فِيهِ بِشَيْءٍ، فَسَدَلَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، ثُمَّ فَرَقَ"(٢).
وحديثهما عنه: أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- قدِم المدِينةَ فوجدَ اليهودَ صياماً يومَ عاشوراءَ فقال لهُم:"مَا هَذَا الْيَومُ الَّذِي تَصُومُونهُ؟ "
قالوا: هذا يومٌ عظيمٌ أنجى اللهُ تعالى فيهِ موسى عليه السَّلام وقومه، وغرَّق فيةِ فرعونَ وقومهُ، فصامهُ موسَى شكراً، فنحن نصومه تعظيماً له.
فقالَ رسول اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "فَنَحْنُ أَحَقُّ وَأَوْلَى بِمُوسَى مِنْكُم".
فصامه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأمر بصيامه (٣).
فالجواب: أنَّ شرع من قبلنا إنما يكون شرعاً لنا عند من يقول به
(١) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٥/ ٢٢٦)، وأبو داود (٣٧٨٤)، والترمذي (١٥٦٥) وحسنه. (٢) رواه البخاري (٣٣٦٥)، ومسلم (٢٣٣٦). (٣) رواه البخاري (١٩٠٠)، ومسلم (١١٣٠).