والثاني بما هان؛ كما في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "سَبَقَ دِرْهَمٌ مِئَةَ ألفِ دِرْهَم" الحديث (١).
وروى الإمام أحمد في "الزهد" عن وهب بن كيسان قال: مرَّ رجل من العمال يتصدق على المساكين قال: فأتى أبا هريرة (٢) - رضي الله عنه -، فقال: يا أبا هريرة! مررت بفلان وهو يتصدق على المساكين، فقال أبو هريرة - رضي الله عنه -: لكن درهم أصيبه بكد يعرق فيه جبيني أحب إلي من صدقة هؤلاء مئة ألف ومئة ألف (٣).
وكلام أبي هريرة - رضي الله عنه - يحتمل وجهين:
الأول: أن درهم يتصدق به العبد اكتسبه بعمل يده وكَدِّه أفضل من مئة ألف درهم يتصدق بها جميعها من العمالة ونحوها بغير كد، أو بغير ورع.
وفي حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - في "الصحيحين": "مَنْ تَصَدَّقَ بِعَدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ - وَلا يَقْبَلُ اللهُ إِلا الطَّيِّبَ - فَإِنَّ اللهَ عز وجل يَتَقَبَّلُهَا بِيَمِيْنهِ، ثُمَّ يُربِّيْهَا لِصَاحِبِهَا كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ، حَتَّى يَكُوْنَ مِثْلَ الجَبَلِ"(٤).
والوجه الثاني: أن اكتساب العبد لدرهم واحد بعرق جبينه وكد
(١) تقدم تخريجه. (٢) في "الورع": "أبو همام" بدل "أبو هريرة". (٣) رواه الإمام أحمد في "الورع" (ص: ٢٠). (٤) رواه البخاري (١٣٤٤)، ومسلم (١٠١٤).