وروى عبد الله ابن الإمام أحمد في "زوائد الزهد" عن الأزرق بن قيس الحارثي قال: كنا عند عسعس بن سلامة وفينا ابن حاصر الأسيدي - وكان رجلاً خطيبا متكلماً -، فقال: وددت أن لنا بالجبان قصراً فيه من الطعام والشراب ما يكفينا حتى يدفن آخرنا رجلاً، فقال عسعس بن سلامة: أما بلغك أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان في سفر، ففقد رجلاً من أصحابه، فقال:"اطْلُبُوْهُ فِيْ الْغِيْرانِ"، فوجدوه في غار قائما يصلي، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا صَنَعْتَ؟ "قال: كبرت سني وحضر أجلي فأحببت أن أخلوَ لعبادة ربي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَلا إِنَّ مَوْطِنَ سَاعَة مِنْ مَوَاطِنِ الْمُسْلِمِيْنَ خَيْرٌ مِنْ عِبَادَةِ الرَّجُلِ سِتِّيْنَ سَنَة خَالِيًا"(١).
٥ - ومنها: أنَّ صدقة المقتصد من حلال تسبق صدقة المكثر من شبهة، أو صدقة المقل تسبق صدقة المكثر؛ لأن الأول يجود بما عزَّ،
= (٢/ ٦٥)، والبخاري (٦١٩)، ومسلم (٦٥٠)، والترمذي (٢١٥)، والنسائي (٨٣٧)، وابن ماجه (٧٨٩) كلهم عن ابن عمر - رضي الله عنه -. أما حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -: فرواه الإمام مالك في "الموطأ" (١/ ١٢٩)، والإمام أحمد في "المسند" (٢/ ٢٦٤)، والبخاري (٦٢١)، ومسلم (٦٤٩)، والنسائي (٨٣٨). وكلهم قال: "بخمسة وعشرين جزءًا". (١) لم أقف عليه، لكن روى بمعناه الدارمي في "السنن" (٢٣٩٦)، والدارقطني في "المعجم الكبير" (١٨/ ١٦٨)، والحاكم في "المستدرك" (٢٣٨٣) عن عمران بن حصين - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "مقام الرَّجل في الصَّف في سبيل الله أفضلُ من عبادة الرَّجل ستين سنة".