وهذا الحديث ليس فيه رفض الأسباب بالكلية نوبة واحدة، ألا ترى أن الطير تغدو وتروح، وهذا سبب، لكنها لما لم تقصد موضعًا معينا وصفت بالتوكل؟
وروى الدينوري في "المجالسة" قال: حدثنا أبو القاسم بن الحنبلي قال: سألت أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى، فقلت: ما تقول في رجلٍ جلس في بيته أو مسجده وقال: لا أعمل شيئاً حتى يأتيني رزقي؟
فقال أحمد: هذا رجلٌ قد جهل العلم، أما سمعت قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "جَعَلَ اللهُ رِزْقِيْ تَحْتَ ظِلِّ رُمْحِيْ"(٢).
وحديثه الآخر حين ذكر الطير فقال:"تَغْدُوْ خِمَاصًا وَتَرُوْحُ بِطَاناً".
فذكر أنها تغدو وتروح في طلب الرزق.
وقال الله تعالى:{وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ}[المزمل: ٢٠]
(١) رواه الترمذي (٢٣٤٤) وقال: حسن صحيح، وابن ماجه (٤١٦٤)، والحاكم في "المستدرك" (٧٨٩٤). (٢) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٢/ ٥٠)، وذكره البخاري (٣/ ١٠٦٧) معلقاً عن ابن عمر - رضي الله عنهما -.