وروى الإمام أحمد في "الزهد" عن سفيان بن عيينة قال: كان عيسى ويحيى عليهما السلام يأتيان القرية، يسأل عيسى عليه السلام عن شرار أهلها، وشمال يحيى عليه السلام عن خيار أهلها، فقال - يعني: يحيى - لعيسى عليهما السلام: لم تنزل على شرار الناس؟
قال: إنما أنا طبيب أُداوي المرضى (١).
فمعاشرة الأشرار ومخالطتهم بهذه النية لهذه المصلحة من أعمال الخير.
لكن هذا لا يتم إلا لمن كمل في نفسه، ثم صلح في تكميل غيره، وكان له كلمة نافذة فيمن يأمره وينهاه ممن يُعاشره، إما لشرف مقامه عنده، وإما لمحبته إياه واعتقاده فيه.
فأما من لم يكن كذلك فيوشك أن يغلب خلق من يعاشره من أهل الشر على ما عنده من خلق الخير، ومن المعلوم أن كثيراً من العسل يفسده قليلٌ من المر، وكثيراً من الطيب يفسده قليلٌ من النتن، وهذا ينبغي له أن يسلك مسلك يحيى عليه السلام؛ فإنه أحوط لدينه، وأبعد عن فتنته؛ فافهم!
وروى ابن عساكر عن ابن المبارك رحمه الله تعالى قال: بلغني أن عيسى بن مريم عليهما السلام مرَّ بقومٍ فشتموه، فقال خيراً، ومرَّ بآخرين فشتموه وزادوا، فزادهم خيراً، فقال رجلٌ من الحواريين: