رضي الله تعالى عنه جارية متقنعة، فضربها بدَرَّته، وقال: ألق القناع؛ لا تتشبهين بالحرائر (١).
وروى ابن جرير عن قتادة في قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ}[الأحزاب: ٥٩] قال: أخذ الله تعالى عليهن إذا خرجن أن يقذفنها على الحواجب، وهو أدنى أن يعرفن فلا يؤذين، قال: قد كانت المملوكة [إذا مرت تناولوها بالإيذاء](٢)، فنهى الله الحرائر أن يتشبهن بالإماء (٣)؛ أي: ذلك كان قبل أن تنزل: {وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا}[النور: ٣٣].
واستنبط عمر - رضي الله عنه - من قوله تعالى في الآية:{ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ}[الأحزاب: ٥٩]: أن الأمة تمنع من زي الحرة لئلا تساوي الإماء الحرائر بأي أذى كان؛ وإن زال قصدهن بالزنا.
وروى أبو داود، وغيره عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: لما نزلت هذه الآية: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ}[الأحزاب: ٥٩] خرج نساء الأنصار كان على رؤوسهن الغربان من السكينة، وعليهن أكسية سود يلبسنها (٤).
(١) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٦٢٣٩). (٢) في "أ" و"ت": "سادت"، كذا. (٣) رواه الطبري في "التفسير" (٢٢/ ٤٦). (٤) رواه أبو داود (٤١٠١).