قدر أنسابهم، فبدأ بأقربهم نسبًا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فلما انقضت العرب ذكر العجم.
وهكذا كان الديوان على عهد بقية الخلفاء الراشدين، وسائر الخلفاء من بني أمية وبني العباس إلى أن تغير الأمر.
فإن قلت: فما تصنع بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لَوْ كَانَ العِلْمُ (١) عِنْدَ الثُّريَّا لتَنَاوَلَهُ رِجالٌ مِنْ أَبْنَاء فَارِسَ". رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه (٢).
وفي "الصحيحين" عنه قال: كنا جلوسًا عند النبي -صلى الله عليه وسلم- فأنزلت سورة الجمعة، فتلاها، فلما بلغ:{وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ}[الجمعة: ٣] قال قائل منهم: يا رسول الله! من هؤلاء الذين لم يلحقوا بنا؟ فلم يراجعه حتى سأل ثلاثًا وفينا سلمان الفارسي، فوضع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يده على سلمان، وقال:"والَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ كان الإِيْمَانُ عِنْدَ الثُّرَيَّا لَنَالَهُ رِجالٌ مِنْ هَؤُلاء"(٣).
وروى الترمذي وحسنه، عنه قال: تلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذه الآية:{وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ}[محمد: ٣٨] فقالوا: ومن يستبدل بنا؟ فضرب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بمنكب سلمان رضي الله تعالى عنه، ثمَّ قال:"هَذَا وَقَوْمَهُ"(٤).
(١) عند مسلم: "الدين" بدل "العلم". (٢) رواه مسلم (٢٥٤٦). (٣) رواه البخاري (٤٦١٥)، ومسلم (٢٥٤٦). (٤) رواه الترمذي (٣٢٦٠) وقال: حديث غريب في إسناده مقال.