فقال إبليس: ولله عليَّ أن لا أنصح مسلما أبداً (١).
قلت: وهذا من باب تسخير إبليس للأنبياء - عليهم السلام - بحيث تأتيهم النصيحة والحكمة من غير أهلها، وقد اتفق مثل ذلك لنوح وموسى - عليهما السلام - كما سبق، وكذلك قد يسخر للصالحين.
وقوله: ولله عليَّ أن لا أنصح مسلما أبداً: هذا خلقه أبدًا؛ فإنه أغش الخلق للخلق، كما قال مُطرِّف رحمه الله تعالى (٢).
وربما وقع مثل ذلك من كثير من الناس أنه ينصح آخر فيغضب منه، فيقول: ما بقيت أنصح بعدك أحداً، ونحو هذا الكلام، فهو من أخلاق الشيطان كما علمت.
وكذلك يضرب المثل فيقال: فلان لا ينصح مسلماً؛ بمعنى أنه على خلق شيطاني.
وروى ابن أبي الدنيا عن فضيل بن عياض رحمه الله تعالى قال: حدثني بعض أشياخنا: أن إبليس جاء إلى موسى - عليه السلام - وهو يناجي ربه - عز وجل -، فقال له الملك: ويلك ما ترجو منه وهو على هذه الحالة؟
(١) تقدم تخريجه. (٢) تقدم تخريجه، لكن لفظه: "أغش عباد الله لعباد الله الشياطين".