وقال القاضي أبو بكر بن العربي من المالكية: إنه مكروه، بل يأثم فاعله؛ فإن كل فعل ينسب إلى الشيطان فهو حرام شر لا خير فيه ولا جائز، انتهى (١).
قلت: والذي يظهر لي التحريم إذا فُعل ذلك مصادمة للأمر الشرعي لحديث سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه -: أن رجلاً أكل عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشماله، فقال:"كُلْ بِيَمِيْنِكِ"، فقال: لا أستطيع، فقال:"لا اسْتَطَعْتَ، ما منعهُ إلا الكِبْرُ".
قال: فما رفعها بعد إلى فيه. رواه مسلم (٢).
وأين هذا من جَرْهد - رضي الله تعالى عنه - حين أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين يديه طعام، فأدنى جرهد يده الشمال ليأكل وكانت اليمين مصابة، فنفث عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فما شكا حتى مات. رواه الطبراني (٣).
وروى هو والإمام أحمد - ورجاله ثقات - عن عبد الله بن محمد ابن عبد الله بن زيد، عن امرأة منهم قالت: دخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا آكل بشمالي - وكنت امرأة عسرى - فضرب بيده فسقطت اللقمة،
(١) انظر: "فتح الباري" لابن حجر (٩/ ٥٢٣). (٢) رواه مسلم (٢٠٢١). (٣) رواه الطبراني في "المعجم الكبير" (٢١٥١). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (٥/ ٢٦): رواه الطبراني من طريق سفيان بن فروة عن بعض بني جرهد، وكلاهما لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات.