إن إبليس رنَّ أربع رنات، حين لعن، وحين أهبط من الجنة، وحين بعث محمد - رضي الله عنه -، وحين نزلت فاتحة الكتاب، قال: ونزلت بالمدينة (١).
وروى ابن أبي الدنيا عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما: أنه بجارية تغني فقال: لو ترك الشيطان أحداً ترك هذه (٢).
وروى مسلم عن أم سلمة رضي الله تعالى عنها قالت: لما مات أبو سلمة - رضي الله تعالى عنه - قلت: غريبة وفي أرض غربة، لأبكينه بكاءً يتحدث عنه، فكنت قد تهيأت للبكاء عليه إذا أقبلت امرأة من الصعيد تريد أن تسعدني (٣)، فاستقبلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال:"أتُرِيْدِيْنَ أَنْ تُدْخِلِي الشَّيْطَانَ بَيْتًا أَخْرَجَهُ اللهُ مِنْهُ - مرتين - " فكففت عن البكاء، فلم أبك (٤).
والظاهر أنها أرادت أن تبكي بكاء مقروناً بالنوح ونحوه من عمل الجاهلية، فأشار إليه قولها:"لأَبْكِيَنَّهُ بُكَاءً يُتَحَدَّثُ عَنْهُ، فَكُنْتُ قَدْ تَهَيَّأتُ لِلْبُكَاءِ"، أو البكاء الطبيعي لا يحتاج إلى تهيؤ ولا إلى إسعاد، وهو غير منهي عنه.
(١) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (٣/ ٢٩٩). (٢) رواه ابن أبي الدنيا في "ذم الملاهي" (١٧)، وكذا البخاري في "الأدب المفرد" (٧٨٤). (٣) أي: تساعدني في البكاء والنوح. (٤) رواه مسلم (٩٢٢).