قال القرطبي رحمه الله تعالى: والصحيح أنَّ اللفظ عام في جميع الأمور، متصوَّر في المكاسب والأعمال والنَّاس والمعارف من العلوم وغيرها؛ فالخبيث من هذا كلِّه لا يفلح، ولا ينجب، ولا يُحسن له عاقبة - وإن كَثُرَ - والطيِّب - وإن قلَّ - نافع جميل العاقبة (١). انتهى.
روى أبو نعيم عن أيُّوب قال: رآني أبو قلابة وأنا أشتري تمراً رديئاً، فقال: قد كنت أظنّ أنَّ الله نفعك بمجالستنا، أما علمت أنَّ الله تعالى قد نزع من كلِّ رديء بركته؟ (٢).
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الأعرابي الذي ذكر له الصَّلاة والزَّكاة والصوم والحج، فقال: لا أزيد على ذلك ولا أنقص، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "أَفْلَحَ إِنْ صَدَق". وأصله في "الصَّحيحين"(٣).
قال بعض العلماء: معناه: أفلح إن صدق في عدم النَّقص، لا في عدم الزيادة.
وقال آخرون: هذا كان في صدر الإسلام حين كان - صلى الله عليه وسلم - يتألف القلوب للإيمان، ولم تفرض جميع الأحكام.
قلت: والأولى عندي أنَّ المراد: أفلح فلاحاً يليق به حيث جاء
(١) انظر: "تفسير القرطبي" (٢/ ٢٤٤). (٢) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (٢/ ٢٨٦). (٣) رواه البخاري (١٧٩٢)، ومسلم (١١)، عن طلحة بن عبيد الله.