فمن فعل من هذه الأفعال فهو متشبه بالشيطان لا محالة، بل سماه الله تعالى في هذه الآية شيطاناً.
قال قتادة، ومجاهد، والحسن رحمهم الله تعالى: إن من الإنس شياطين (١).
والشيطان: العاتي المتمرد من كل شيء.
وروى الإمام أحمد عن أبي ذر رضي الله تعالى عنه قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في المسجد فجلست فقال:"يَا أَبَا ذَرٍّ! هَلْ صَلَّيْتَ؟ " فقلت: لا، قال:"قُمْ فَصَلِّ"، قال: فقمت وصلَّيت ثمَّ جلست، فقال:"يَا أَبَا ذَرٍّ! تَعَوَّذْ بِاللهِ مِنْ شَرِّ شَيَاطِيْنِ الإِنْسِ وَالْجِنِّ"، فقلت: يا رسول الله! وللإنس شياطين؟ قال:"نعمْ"(٢).
وقال مالك بن دينار رحمه الله تعالى: شياطين الإنس أشد علي من شياطين الجن؛ وذلك أني إذا تعوذت بالله ذهب عني شيطان الجن، قال: وشيطان الإنس يجيئني فيجرني إلى المعاصي عياناً (٣).
وروى أبو نعيم عن أحمد بن أبي الحواري قال: سمعت أبا سليمان - يعني: الداراني رحمه الله تعالى - يقول: ما خلق الله خلقاً أهون علي من إبليس، لولا أن الله تعالى أمرني أن أتعوذ منه ما تعوذت منه أبداً.
(١) انظر: "الدر المنثور" للسيوطي (٣/ ٣٤٢). (٢) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٥/ ١٧٨) وكذا النسائي (٥٥٠٧). (٣) انظر: "تفسير البغوي" (٢/ ١٢٤).