وقال لها: امشي خلفي وانعتي لي الطريق وأنا أمشي أمامك؛ فإنَّا لا ننظر في أدبار النساء، قال ثم قالت:{يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ}[القصص: ٢٦] لما رأت من قوته وقوله لها ما قال، فزاده ذلك فيه رغبة (١).
ونظير ذلك ما رواه ابن الجوزي في كتاب "ذم الهوى": أنَّ وفد عبد القيس لمَّا وفدوا على النبي - صلى الله عليه وسلم - كان فيهم غلام أمرد، فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - إن يجلس وراء ظهره (٢).
وذلك من النبي وموسى عليهما الصلاة والسلام مبالغة في غض البصر، ولا يُساعد على غض البصر شيء كالنكاح، ولقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - من رأى امرأة فأعجبته أن يأتيَ أهلَه، كما روى مسلم، والترمذي عن جابر - رضي الله عنه -: أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى امرأة فدخل على زينب رضي الله عنها فقضى حاجته وخرج وقال:"إِنَّ المَرْأَةَ تُقْبِلُ فِيْ صُوْرَةِ شَيْطَانٍ، فَإِذَا رَأَىْ أَحَدُكُمُ امْرَأَةً فَأَعْجَبَتْهُ فَلْيَأْتِ أَهْلَهُ، فَإِنَّ مَعَهَا مِثْلَ الذِيْ مَعَهَا"(٣).
وروى الإمام أحمد بسند جيد، عن أبي كبشة الأنماري - رضي الله عنه - قال: مرَّت بالنبي - صلى الله عليه وسلم - نسوة، فوقع في قلبه شهوة النساء، فدخل فأتى بعض
(١) رواه الحاكم في "المستدرك" (٣٥٣٠). (٢) رواه ابن الجوزي في "ذم الهوى" (ص: ١٠٦). قال ابن حجر في "التلخيص الحبير" (٣/ ١٤٨): قال ابن الصلاح: ضعيف لا أصل له. (٣) رواه مسلم (١٤٠٣)، والترمذي (١١٥٨) واللفظ له. وكذا رواه أبو داود (٢١٥١).