ولقد أخبر الله تعالى عن شدة تعلق الإنسان بالدنيا وزهرتها بحيث تحول بينه وبين طاعة ربه، وذكره وشكره بقوله: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (٦) وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ (٧) وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} [العاديات: ٦ - ٨]؛ الكنود: الكفور.
روى ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، وعطاء، ورواه عنهم عبد الرحمن وغيره (١)، ورُوِيَ مرفوعاً من حديث أبي أمامة - رضي الله عنه - (٢).
روى سعيد بن منصور، وابن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي في "شعب الإيمان" عن الحسن رحمه الله تعالى في قوله: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ}[العاديات: ٦] قال: لكفور يعدد المصيبات وينسى النعم (٣).
وقوله:{وَإِنَّهُ} يعني: الإنسان {عَلَى ذَلِكَ} أي من نفسه {لَشَهِيدٌ}[العاديات: ٧]، قال محمد بن كعب: أي شاهد على نفسه. رواه ابن أبي حاتم (٤).
قلت: وشهادته على نفسه ككنوده، أما عند النظر والتحقيق يرى نفسه مقصراً في الشكر ناسياً للنعم، وأمَّا عند المصائب والشدائد يعلم أنه
(١) انظر: "تفسير الطبري" (٣٠/ ٢٧٨). (٢) رواه الطبراني في "التفسير" (٣٠/ ٢٧٨)، والطبراني في "المعجم الكبير" (٧٩٥٨). (٣) رواه الطبري في "التفسير" (٣٠/ ٢٧٨)، والبيهقي في "شعب الإيمان" (١٠٠٦١). (٤) رواه ابن أبي حاتم في "التفسير" (١٠/ ٣٤٥٨).