فالمراد: أنه لم يعمل خيراً قط في اعتقاد نفسه، أو في اعتقاد الناس فيه، وإلا فإن التجاوز عن المعسر شامل لإنظاره والإعراض عن مطالبته إلى وقت ميسرته، وشامل لترك الحق له، وهو معنى الصدقة عليه التي هي خير بنص القرآن.
قال تعالى:{إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ}[البقرة: ٢٧١]؛ أي: من الإبداء - وإن كان في الإبداء خير - إلا أن الإخفاء أفضل - أي: في صدقة التطوع - وأما في الفرض فالإظهار خير من الإخفاء ليقتدي به غيره، وليعلم الناس أنه يؤدي الزكاة فلا يُطعن عليه بمنعها، فيأثم الطاعن.
روى ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما -: أنه قال في الآية: جعل صدقة السر في التطوع تفضل علانيتها سبعين ضعفاً، وجعل صدقة الفريضة علانيتها أفضل من سرها بخمسة وعشرين ضعفاً - قال: - وكذلك جميع الفرائض والنوافل في الأشياء كلها (٢).
وروى الإمام أحمد، والبزار، والطبراني في "الأوسط"، والبيهقي في "الشعب" عن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَلا أَدُلُّكَ عَلَى