فأما أنه يتكلف ما لا طاقة له به فليس هذا من شأن الأخيار؛ لما سبق أنَّ الأتقياء برآء من التكلف.
وروى الإمام أحمد، والترمذي وصححه عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقف على ناس جلوس فقال:"أَلا أُخْبِرُكُم بِخَيْرِكُمْ مِنْ شَرِّكُمْ؟ " قال: فسكتوا، فقال ذلك ثلاث مرات، فقال رجل: بلى يا رسول الله أخبرنا بخيرنا من شرنا، قال:"خَيْرُكُمْ مَنْ يُرْجَى خَيْرُهُ وُيؤْمَنُ شَرُّهُ، وشَرُّكُمْ مَنْ لا يُرْجَى خَيْرُهُ وَلا يُؤْمَنُ شَرُّهُ"(١).
وروى عبد الله ابن الإمام أحمد في "زوائد الزهد" عن سفيان بن عيينة رحمه الله قال: قيل للقمان: أي الناس خير؟ قال: المؤمن الذي إن احتيج إليه نفع، وإن استغني عنه اكتفى.
وعن الحسن رحمه الله - مرسلاً - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أَحَبُّ العِبَادِ إِلى اللهِ أَنْفَعُهُمْ لِعِيَالِه".
وروى القضاعي في "مسند الشهاب" عن جابر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "خَيْرُ النَّاسِ أَنْفَعُهُمْ للنَّاسِ"(٢).
وقال صاحبنا العلامة شهاب الدين أحمد بن أحمد بن أحمد بن بدر الطيبي إمام الجامع الأموي بدمشق، وابن إمامه تلميحاً بذلك مع قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث أبي هريرة: "واللهُ فِي عَوْنِ العَبْدِ، مَا كَانَ العَبْدُ فِي
(١) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٢/ ٣٧٨)، والترمذي (٢٢٦٣). (٢) رواه القضاعي في "مسند الشهاب" (١٢٣٤).