والجواب عن ذلك: أنَّ المراد بالسبق: الاجتهاد بقدر الوسع، والطاعة في غير تكلف ولا تشدد، بل ما كان مع النشاط، وسكون القلب، وطمأنينة النفس، ألا ترى أنَّ الله تعالى يقول:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}[التغابن: ١٦]؟
ولا يكون ما ذكرناه إلا إذا سلك طريقاً وسطاً بين الإفراط والتفريط؛ فإن خيار الأمور أوسطها، والحسنة بين السيئتين.
وفي الحديث:"أَنَا وَأتْقِيَاءُ أُمَّتِي بَرَاءُ مِنَ التَّكَلُّفِ"(١).
وفي "صحيح مسلم" عن ابن مسعود - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"هَلَكَ الْمُتَنَطِّعُوْنَ"؛ قالها ثلاثاً (٢).
قال النووي رحمه الله: المتنطعون: المتعمقون المشددون في غير موضع التشديد (٣).
وروى الشيخان عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل عليها
(١) رواه الثعلبي في "التفسير" (٨/ ٢١٨)، والديلمي في "مسند الفردوس" (٢٢٨) بلفظ: "إلاّ أني بريء من التكلف وصالحو أمتي". قال العراقي في "تخريج أحاديث الإحياء" (١/ ٤٨٢): رواه الدارقطني في "الأفراد" وإسناده ضعيف. (٢) رواه مسلم (٢٦٧٠). (٣) انظر: "رياض الصالحين" للنووي (ص: ٤٠).