وأبو نعيم عن أُبي بن كعب - رضي الله عنه -، والحاكم وصححه عنهما؛ قالا: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ خَافَ أَدْلَجْ، وَمَنْ أَدْلَجَ بَلَغَ الْمَنْزِلَ، أَلا إِنَّ سِلْعَةَ اللهِ غَالِيَةٌ، أَلا إِنَّ سِلْعَةَ اللهِ الْجَنَّة"(١).
وقوله: أدلج - على وزن أكرم -: من الدلج - بفتحتين -، والدلجة - بالضم، والفتح -؛ وهما السير أول الليل، والإدلاج - بالتشديد -: السير من آخره، وهكذا في "القاموس"(٢).
والمراد بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من خاف أدلج، ومن أدلج بلغ المنزل"؛ أي: قبل غيره، فينجو مما يخاف منه غيره بسبب التأخر تشبيهاً بمن يسير أول الليل فيسبق غيره ممن نام ولم يدلج، أو يسبق ما كان يحذر في طريقه.
وقد قيل: عند الصباح يحمد القوم السرى (٣).
فالإدلاج في الحديث استعارة للتقدم في الأعمال الصالحة، والاستكثار منها، فبذلك يكون السبق في الدار الآخرة.
{فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ}[الزلزلة: ٧]؛ فمن عمل ذرتين
(١) رواه الترمذي (٢٤٥٠) وحسنه، والبيهقي في "شعب الإيمان" (٨٨١)، والحاكم في "المستدرك" (٧٨٥١) عن أبي هريرة - رضي الله عنه -. ورواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (٨/ ٣٧٧)، والحاكم في "المستدرك" (٧٨٥٢) عن أبي بن كعب - رضي الله عنه -. (٢) انظر: "القاموس المحيط" (ص: ٢٤٢) (مادة: دلج). (٣) انظر: "جمهرة الأمثال" لأبي هلال العسكري (٢/ ٤٢) وقال: وهو مثل يضرب لما ينال بالمشقة ويوصل إليه بالتعب.