وروى أبو الحسن بن جهضم عن أبي عثمان قال: السابق بالود مبتدئ، والمكافئ له مقتدي؛ فأنى يدرك المقتدي المبتدئ؟ وللمبتدئ أجره وأجر من اتبعه (١).
ومن هنا قيل: إن الابتداء بالسلام - وإن كان سنة - أفضل من الرد وإن كان واجباً (٢)؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلامِ"(٣).
ونظير ذلك أن الإحسان إلى المسيء سابق بالنسبة إلى من يقابل الإحسان بالإحسان.
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لَيْسَ الوَاصِلُ بِالمُكَافِئِ، وَلَكِنَّ الوَاصِلَ الَّذِي إِذَا قُطِعَتْ رَحِمُهُ وَصَلَهَا". رواه الإمام أحمد، والبخاري، وأبو داود، والترمذي عن ابن عمرو - رضي الله عنه - (٤).
وقال - صلى الله عليه وسلم -: "لا تَكُوْنُوْا إِمَّعَةً؛ تَقُوْلُوْنَ: إِنْ أَحْسَنَ النَّاسُ أَحْسَنَّا، وَإِنْ أَسَاؤُوْا أَسَأْنَا (٥)، وَلَكِنْ وَطِّنُوْا أَنْفُسَكُم: إِنْ أَحْسَنُوا أَنْ تُحْسِنُوْا، وَإِنْ أَسَاؤُوا أَنْ لا تَظْلِمُوْا". رواه الترمذي من حديث حذيفة - رضي الله عنه - (٦).
(١) ورواه السلمي في "آداب الصحبة" (ص: ١١٦). (٢) انظر: "المبسوط" للسرخسي (٣٠/ ٢٧٤)، و"المجموع" للنووي (٤/ ٥٠٤). (٣) رواه البخاري (٥٧٢٧)، ومسلم (٢٥٦٠) عن أبي أيوب الأنصاري - رضي الله عنه -. (٤) تقدم تخريجه. (٥) في الترمذي: "وإن ظلموا ظلمنا" بدل "وإن أساؤوا أسأنا". (٦) رواه الترمذي (٢٠٠٧) وحسنه.