وروى ابن أبي شيبة، والإمام أحمد في "الزهد" عن عبد الله بن الحارث قال: أوحى الله تعالى إلى داود عليه السلام: أحبني، وأحب عبادي، وحببني إلى عبادي، قال داود: يا رب! هذا أحبك، وأحب عبادك، فكيف أحببك إلى عبادك؟ قال: تذكرني عندهم؛ فإنهم لا يذكرون مني إلا الحسن (٢).
وقوله:"وأحب عبادي": الإضافة فيه تخصيصية؛ أي: عبادي المختصين بي، كما في قوله تعالى:{إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ}[الحجر: ٤٢]، وقوله:{نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}[الحجر: ٤٩].
فأما محبة العصاة منهم والفجار من حيث المعصية فمنهي عنها.
وفي قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تَجْعَلْ لِفَاجِرٍ عَليَّ يَدًا" يخرج البَرَّ؛ فإن يده محبوبة وإحسانه مقبول، وإذا دعا إحسانه المحسن إليه إلى حبه، فحبه من أفضل الأعمال بخلاف الفاسق.
ومن هنا نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن إجابة طعام الفاسقين. رواه
(١) رواه الترمذي (٣٧٨٩) وحسنه. (٢) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (٣٤٢٥٤)، والإمام أحمد في "الزهد" (ص: ٧٢).