وقال الله تعالى: {وَأَوْرَثْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ (٥٣) هُدًى وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ} [غافر: ٥٣، ٥٤].
فيه إشارة إلى أن ذوي الألباب هم المقصودون بالهداية والذكرى، وكأن الكتب لم يكن مطلوب بها حقيقة إلا هؤلاء، وقد علمت أنهم هم المتقون، فتوافقت هذه الآية هي وقوله تعالى:{ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ}[البقرة: ٢] الآيات، فهؤلاء قوم صلحت قلوبهم، فصلحت لقبول الحكم القرآنية والمعارف الربانية بما تحنن الله عليهم وعطف، ونظر إليهم ولطف.
ولقد سبق قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أَلا إِنَّ في الجَسَدِ مُضْغَةً، إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّه"(١).
وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ كَانَ لَهُ قَلْب صالح تَحَنَّنَ اللهُ عَلَيْهِ، وإِذَا تَحَنَّنَ اللهُ عَلى قَلبِ عَبدٍ، حَنَّنَهُ لِلأَعمَالِ الصَّالِحَةِ، وَحَبَّبها إِلَيْهِ"(٢).
ولقد وصف الله تعالى أولي الألباب بأوصاف الصالحين، فقال الله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (١٩٠) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ} إلى قوله: {وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ}[آل عمران: ١٩٠ - ١٩٥].