الآخَرِ. قال علىٌّ، وأبو هُرَيْرَةَ، وعائشةُ: لأنْ أصُومَ يَوْمًا من شعبانَ، أحَبُّ إلَىَّ مِن أن أُفْطِرَ يَوْمًا مِن رمضانَ. ولأنَّ الصَّوْمَ يُحْتَاطُ له، ولذلك وَجَبَ الصَّوْمُ بخَبَرٍ واحِدٍ، ولم يُفْطَرْ إلَّا بشهَادَةِ اثْنَيْنِ. فأمَّا خَبَرُ أبي هُرَيْرَةَ الذي احْتَجُّوا به، فإنَّه يَرْوِيه محمدُ بنُ زِيادٍ، وقد خَالَفَه سَعِيدُ بن المُسَيَّبِ، فرَوَاهُ عن أبى هُرَيْرَةَ:"فَإنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَصُومُوا ثَلَاثِينَ". ورِوَايَتُه أوْلَى بِالتَّقْدِيمِ، لإِمامَتِه، واشْتِهَارِ عَدَالَتِه، وثِقَتِه، ومُوَافَقَتِه لِرأْى أبى هُرَيْرَةَ ومَذْهَبه، ولِخَبَرِ ابنِ عمرَ الذي رَوَيْنَاهُ. ورِوَايَةُ ابنِ عمرَ:"فَاقْدُرُوا له ثَلَاثِينَ" مُخَالِفَةٌ لِلرِّوَايَةِ الصَّحِيحَةِ المُتَّفَقِ عليها، ولِمذهبِ ابنِ عمرَ ورَأْيِه. والنَّهْىُ عن صَوْمِ الشَّكِّ مَحْمُولٌ على حالِ الصَّحْوِ، بِدَلِيلِ ما ذَكَرْناهُ، وفي الجُمْلَةِ لا يَجِبُ الصَّوْمُ إلَّا بِرُؤْيَةِ الهِلَالِ، أو كَمَالِ شعبانَ ثلاثِينَ يَوْمًا، أو يَحُولُ دُونَ مَنْظَرِ الهِلَالِ غَيْمٌ أو قَتَرٌ، على ما ذَكَرْنَا من الخِلافِ فيه.