والشَّافِعِىُّ، وإسحاقُ، وأبو ثَوْرٍ، وأبو حنيفةَ، وابنُ الْمُنْذِرِ، ولا نعلَمُ لهم مُخالِفًا؛ لأنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال:"مَنْ حَلَفَ، فَقَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ". والقولُ هو النُّطْقُ، ولأنَّ اليَمِينَ الا تَنْعَقِدُ بالنِّيَّةِ، فكذلك الاسْتِثْناءُ. وقد رُوِىَ عن أحمدَ: إنْ كان مَظْلومًا فاسْتَثْنَى فى نَفْسِه، رَجَوْتُ أن يجوزَ، إذا خافَ على نفسِه. فهذا فى حَقِّ الخائِفِ على نفْسِه؛ لأنَّ يَمِينَه غيرُ مُنْعَقِدَةٍ، أو لأَنَّه بمنزلَةِ المُتأوِّلِ، وأمَّا فى حَقِّ غيرِه فلا.
فصل: واشْتَرطَ القاضِى أَنْ يقْصِدَ الاسْتِثْناءَ، فلو أرادَ الجَزْمَ، فسبَقَ لسانُه إلى الاسْتِثْناءِ من غيرِ قَصْدٍ، أو كانَتْ عادَتُه جارِيَةً بالاسْتِثْناءِ، فجَرَى لِسانُه [إلى الاسْتِثْناءِ](١٢) من غيرِ قَصْدٍ، لم يَصِحَّ؛ لأنَّ اليَمِينَ لمَّا لم ينعَقِدْ من غيرِ قَصْدٍ، فكذلك الاسْتِثْناءُ. وهذا مذهبُ الشافعِىِّ. وذَكر بعضُهم، أنَّه لا يَصِحُّ الاسْتِثْناءُ حتى يَقْصِدَه مع ابْتداءِ يَمِينِه، فلو حَلَفَ غيرَ قاصِدٍ للاسْتِثْناءِ، ثم عَرَضَ له بعدَ فَراغِه من اليَمِينِ فاسْتَثْنَى، لم يَنْفَعْه. ولا يَصِحُّ؛ لأنَّ هذا يُخالِفُ عمومَ الخَبرِ، فإنَّه قال:"مَنْ حَلَفَ، فَقَالَ: إنْ شَاءَ اللَّهُ. لَمْ يَحْنَثْ". ولأنّ لفظَ الاسْتِثْناء يكونُ عَقِيبَ يَمِينِه، [فكذلك نِيَّتُه](١٣).