كتاب الشَّهادات
والأصلُ فيها (١) الكتابُ والسُّنَّةُ والإجْماعُ والعِبْرةُ، أمَّا الكتاب، فقولُ اللَّه تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} (٢). وقال تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} (٣). {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} (٢). وأمَّا السُّنَّةُ، فما رَوَى وائلُ بنُ حُجْرٍ، قال: جاءَ رجلٌ مِن حَضْرَمَوْتَ، ورجلٌ مِن كِنْدَة، إلى النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فقالَ الحَضْرَمِىُّ: يا رسولَ اللهِ، إنَّ هذا غَلَبَنِى على أرْضٍ لى. فقال الكِنْدِىُّ: هى أرْضى، وفى يَدِى، وليس له فيها حَقٌّ. فقال النَّبِىُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- للحَضْرَمِىِّ: "أَلَكَ بَيِّنَةٌ؟ ". قال: لا. قال: "فَلَكَ يَمِينُهُ". قال: يا رسولَ اللهِ، الرجلُ فاجِرٌ لا يُبالِى على ما حَلَفَ عليه، وليس يَتَورَّعُ مِن شىءٍ. قال: "لَيْسَ لَكَ مِنْهُ إِلَّا ذلِكَ". قال: فانْطَلقَ الرجلُ لِيَحْلِفَ له، فقال رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لمَّا أدْبَر: "لَئِنْ حَلَفَ عَلَى مَالِهِ لِيَأْكُلَهُ ظُلْمًا، لَيَلْقَيَنَّ اللهَ وَهُوَ عَنْهُ مُعْرِضٌ". قال التِّرْمِذِىُّ (٤): هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. ورَوَى محمدُ بنُ عُبَيْدِ اللهِ العَرْزَمِىُّ (٥)، عن عمرِو بنِ شُعَيبٍ، عن أبيه، عن جَدِّه، أنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قالَ: "الْبَيِّنَةُ عَلَى المُدَّعِى، وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ" (٦). قال التِّرْمِذِىُّ: هذا حديثٌ فى إسنادِه مَقالٌ، والعَرْزَمِىُّ يُضعَّفُ فى الحديثِ من قِبَلِ حِفْظِه، ضعَّفَه ابنُ المُباركِ وغيرُه، إلَّا أنَّ أهلَ العلمِ أجْمَعوا على هذا. قال التِّرْمِذِىُّ: والعَملُ على هذا عندَ أهلِ العلمِ مِن أصْحابِ النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-
(١) فى ب، م: "فى الشهادات".(٢) سورة البقرة ٢٨٢.(٣) سورة الطلاق ٢.(٤) تقدم تخريجه، فى: ١٣/ ٤٤٤.(٥) فى م: "العزرمى".(٦) تقدم تخريجه، فى: ٦/ ٥٨٧. وانظر: ٦/ ٥٢٥، ١٠/ ٥٣٠.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute